وإن لم يذكره إلا أنا ذكرناه مقدمة لما افاده ، فهذه كبرى كلية طبقها المحقق النائيني (قدسسره) على المقام فقال : اذا قال المولى : يحرم الخمر ، وقال : يحرم مقطوع الخمرية مثلا ، وإن كان النسبة بينهما عموم من وجه واقعا ؛ إلا أنه بنظر القاطع لا يكون النسبة بينهما الا عموما وخصوصا مطلقا ، حيث ان القاطع لا يرى مخالفة قطعه للواقع ، وإلا خرج عن كونه قاطعاً ، فلا يمكن جعل مثل هذين الحكمين لأنه ان بقيا على استقلالهما في التأثير والمحركية يلزم اجتماع المثلين ، وهو محال ، وإن لم يبقيا بل كان الثاني منهما مؤكدا للأول يكون الثاني منهما لغواً لعدم كونه باعثا ومحركاً ، مع انه خلف فرض كونهما حكمين.
والجواب عنه ما ذكرناه في باب التجري مفصلا ، وملخصه ان النسبة بينهما العموم من وجه لا العموم المطلق ، وذلك لان المتجري وان كان لا يرى مخالفة قطعه للواقع ، إلا أنه يرى مخالفة قطع غيره للواقع ، فبملاحظة قطع غيره تكون النسبة بينهما العموم من وجه فلا مانع من جعل حكمين كذلك.
الثالث : وان لم يكن مذكورا في كلامهم إلا أنه يمكن استفادته من مبانيهم ، وهو ان الحكم الاول الذي يكون القطع به موضوعا للحكم الثاني قد يكون فعليا حين ترتب الحكم الثاني على القطع به وقد لا يكون فعليا ، أما الفرض الثاني فهو خارج عن محل البحث.
وأما الفرض الاول فتارة يكون القطع به تمام الموضوع في ترتب الحكم الثاني ، وأخرى يكون جزء الموضوع ، والجزء الآخر هو واقع الحكم الأول ، فان كان القطع بالحكم الاول جزء موضوع للحكم الثاني وكان جزؤه الآخر هو واقع الحكم الاول ، فحيث ان الحكم الأول بواقعه جزء للموضوع يتوقف القطع به على تحققه أولاً ليتم جزءا الموضوع ، اذ ان القطع بالحكم الأول مع واقعه يكون موضوعا للحكم الاول فيتوقف الحكم الثاني عليهما توقف الحكم على موضوعه ، فيكون الحكم الثاني في طول الحكم الأول ، فلا يمكن ان يكون مؤكدا له لاختلاف رتبتهما ، وإذا لم يكن مؤكداً له يلزم اجتماع المثلين ، وهو محال ، فلا يمكن أن يكون القطع بحكم موضوعاً لحكم آخر مثله.