ونظير ذلك ما يقال في بحث مقدمة الواجب اشكالا على ما ذكروه من تأكد الحكمين ، وكون احدهما وهو الثاني مؤكداً للآخر وهو الأول دفعا للزوم اجتماع المثلين ، فحيث ان الاجزاء مقدمات داخلية يترشح عليها الوجوب الغيري ، وحيث انها كانت جزء للواجب تكون واجبة بالوجوب النفسي في ضمن وجوب الواجب.
فيستشكل على وجوب المقدمة هناك بأنه يلزم اجتماع المثلين.
وأجيب عن ذلك : بان الحكم الثاني مؤكد للحكم الأول ، ولا يكون مستقلاً كي يلزم اجتماع المثلين : واستشكل على ذلك ثانيا بان الاجزاء حيث انها مقدمات داخلية للواجب يتوقف الواجب عليها توقف الشيء على مقدمته ، فيكون الحكم الاول وهو الوجوب الاول متوقفا على الاجزاء ، وحيث إن الحكم الثاني وهو الوجوب الغيري ناشئ من الحكم الاول يكون متأخراً عنه وفي طوله ، فلا يمكن التأكد لكون الحكمين طوليين.
وذكر السيد الاستاذ في الجواب عن ذلك ان الحكمين وإن كانا طوليين إلا أنهما في زمان واحد ، والمحذور في اجتماع المثلين إنما هو اجتماعهما في زمان واحد على موضوع واحد ، واختلاف الرتبة لا يدفع هذا المحذور. ولكن هذا الكلام غير مرتبط بما ذكره المستشكل ، وذلك لأن المستشكل لا يريد في المقام ان يصحح اجتماع المثلين كي يقال بان اختلاف الرتبة لا يجدي في ذلك مع وحدة الزمان ، بل مراده ان الحكمين حيث انهما طوليان لا يمكن التأكد فيهما ، فلا بد من الالتزام باستقلالهما ، ويلزم من ذلك اجتماع المثلين.
وإن كان القطع بالحكم الأول تمام الموضوع للحكم الثاني ، فاما ان يفرض ان الحكم الاول مؤكد وإما أن يفرض انه بسيط ، فان فرض انه مؤكد فهو خلف فرض تعدد الحكمين اللذين اجتمعا في مادة الاجتماع ؛ اذ التأكد عبارة عن حكم واحد مؤكد فينافي فرض التعدد ، وان فرض انه بسيط يلزم من ذلك اجتماع المثلين ، اذ يجتمع الحكم الأول البسيط مع الحكم الثاني في مورد الاجتماع ، ولا يمكن القول بتأكده بالحكم الثاني ، لأنا فرضنا ان الحكم الأول بسيط لا مؤكد.