المقام الاول
اما المقام الأول : فقد استدل على استحالته بان الحكم متوقف على القطع ، لأن القطع موضوع له ، وكل حكم متوقف على موضوعه ، والقطع متوقف على الحكم ، لأن الحكم معلوم له ، والعلم متوقف على معلومه ، فالحكم متوقف على القطع توقف الحكم على موضوعه ، والقطع متوقف على الحكم ، توقف العلم على معلومه ، فيلزم الدور وهو محال.
وأول من استدل بهذا الدليل ظاهراً هو العلامة الحلي (قدسسره) في الجواب عن المصوبة من اهل الجماعة والسنة ، وأجاب المتأخرون عن هذا الاستدلال بأن الحكم وإن كان متوقفا على القطع توقف كل حكم على موضوعه إلا أن القطع غير متوقف على الحكم ، فان العلم متوقف على المعلوم بالذات ، وهو الصورة القائمة في افق النفس لا على المعلوم بالعرض ، وهو الحكم الموجود في الخارج ، فليس التوقف من الطرفين ليلزم الدور.
واستدل المحقق النائيني (قده) على الاستحالة بالتنافي بين خاصيّة العلم وخاصية المعلوم في المقام ، فذكر ان من خاصية العلم والقطع تحقق المعلوم والمقطوع قبله في الخارج ، فكما ان الكشف عن الواقع والمقطوع من ذاتيات القطع كذلك الكشف عن تحقق المقطوع في الخارج قبل تحقق القطع من ذاتيات القطع وجداناً ، فيتوقف وجود القطع على وجود المقطوع ، ومن خاصية المقطوع كون القطع به متحققا قبله في المقام ، لأن القطع موضوع للحكم والمقطوع على الفرض ، فلا بد من تحققه قبل تحقق الحكم لتوقف الحكم عليه توقف كل حكم على موضوعه ، فيتوقف كل منهما على الآخر ، فيقع التنافي بين خاصيتيهما ، وهذا أمر وجداني لا يمكن اقامة البرهان عليه ، وإن لم يكن لشخص مثل هذا الوجدان الحاكم بأن القطع كما يكشف عن الواقع والمقطوع يكشف عن تحققه في الخارج ايضا قبل القطع فيقرب له استحالة اخذ القطع بحكم في موضوع شخص ذلك الحكم بتقريبين :