الانصاري الذي فسر الواجب المطلق والمشروط بأنه لو كان الشوق مقيداً بشيء فهو واجب مشروط ، وإن كان الشوق متعلقا بالمطلق لا بالمقيد بشيء فهو واجب مطلق (١) ، أشكل عليه بانه لا ربط بين عالم الاحكام وعالم الشوق والملاكات (٢).
وأما المقام الثاني : وهو البحث عن الجعل الثاني ، فيمكن الاشكال عليه بتقريبين :
الأول : إن الجعل الأول مع ملاحظة الجعل الثاني إما أن يكون العلم بالجعل الأول موضوعا للجعل الثاني ، وإما أن يكون العلم بالمجعول في الجعل الأول موضوعا للجعل الثاني ، فإن كان العلم بالجعل في الجعل الأول موضوعا للجعل الثاني يرد عليه انه مع المهرب الذي ذكرناه للتخلص من الاشكال من أنه يمكن أخذ العلم بالجهل موضوعا للمجعول في الجعل الأول ، لا حاجة الى الجعل الثاني ، فيكون جعله لغوا لامكان التخلص عن المحذور بذلك بلا حاجة الى الجعل الثاني اصلا.
وإن كان العلم بالمجعول في الجعل الأول مأخوذا في موضوع الجعل الثاني يتوقف الجعل الثاني على تحقق موضوعه ، وهو العلم بالمجعول في الجعل الأول ، والعلم بالمجعول في الجعل الأول يتوقف على فعلية الجعل الأول وتحقق المجعول فيه ، وتحقق المجعول لا يمكن إلا مع وجود الجعل الثاني.
توضيح ذلك : ان موضوع الجعل الأول إما أن يكون مطلقا من ناحية العلم به أو مقيدا أو مهملا ، فإن كان مطلقا من ناحية العلم به بان قال المولى : أيها المكلف ، يجب عليك الصلاة سواء كنت عالما بوجوبها أم لا ، فحينئذ لا حاجة الى الجعل الثاني ، فيثبت به نتيجة الاطلاق ، بل يكون الاطلاق ثابتا في الجعل الأول ، ولا يقول الميرزا النائيني (قده) بذلك ايضا.
__________________
(١) مطارح الأنظار بحث المطلق والمشروط ، ص ٤٤ ، س ١٤ ، ط حجرية.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٢٥.