الظن ثبت ظاهرا الحكم المترتب على الظن ، وإلا كفى في وصوله نفس ذلك العلم الاجمالي.
الاعتبار الثالث : انقسام القطع الموضوعي الى كونه موضوعا لخلاف متعلقه أو ضده أو مثله أو نفسه ، فقد عرفت بالنسبة الى القطع ما أمكن منها وما لم يمكن ، وأما بالنسبة الى الظن فتارة يقع الكلام في الظن الذي يكون حجة ، وأخرى يقع الكلام في الظن الذي لا يكون حجة.
أما الظن الذي يكون حجة فلا اشكال في جعله موضوعا لخلاف متعلقه كالقطع ، ويستحيل جعله موضوعا لضد متعلقه كالقطع ، لوقوع التهافت بين حجيته والحكم المترتب عليه. وأما جعله موضوعا لمثل متعلقه فبمكان من الامكان كما قلنا بامكانه في باب القطع ، بل الامكان هنا أوضح لعدم تأتي برهان المحقق النائيني (قده) على الاستحالة هنا ، وهو كون النسبة هنا بين الحكمين عموما مطلقا في نظر القاطع ، فان النسبة هنا بينهما عموم من وجه حتى في نظر الظان ، فان الظان يحتمل خطأ نفسه. وأما جعله لنفس متعلقه شرطا فمحال كالقطع ، لنفس ما كان مختارا في باب القطع من الوجهين :
الأول : لزوم التهافت بين الطبيعتين ، فان طبيعة الظن هي الكشف الناقص عن شيء ثابت بقطع النظر عن نفسه.
الثاني : ان العلم بالحكم متوقف على العلم بموضوعه الذي هو الظن بالحكم على الفرض ، والعلم بالظن بالحكم هو نفس الظن بالحكم ، لأن الظن من المعلومات الحضورية للنفس ، ولا أقل من كونه متوقفا على الظن بالحكم ، كتوقف العلم بالمحسوسات على الاحساس ، بل لزم كون العلم بالحكم معلولا للظن بالحكم بلا واسطة ، أو بواسطة العلم بالظن. وان شئت فقل : لزم العلم باجتماع الضدين اللذين هما الظن والعلم ، وايضا الظن بالحكم متوقف على الظن بموضوعه الذي هو الظن بالحكم ، فالظن بالحكم متوقف على الظن بالظن ، والظن بالظن محال ، أما أولا : فللزوم الدور ، أو التسلسل ، أو خلل في الدماغ الذي هو خارج