سائر الاحكام العقلية الظنية التي ذهب العامة الى حجيتها.
كما انه بملاحظة هذه الخصوصيات التي ذكرناها في تعريف الدليل العقلي الذي هو محل الكلام يعرف ان الكلام هنا ليس في خصوص ما كان مدركا للقوة العاقلة بمعناها الفلسفي ، بل كل قضية اقترنت بالجزم والتصديق القطعي من قبل النفس ، وامكن ان يستكشف منها حكم شرعي فهي داخلة في محل النزاع سواء كانت من مدركات المرتبة المجردة العقلانية من النفس ، أو كانت من مدركات النفس ولو باعتبار مرتبة اخرى من مراتبها.
كما انه ظهر من هذه الخصوصيات ايضا ان ما هو موضوع البحث في المقام لا يشمل الاحكام العقلية التي هي اسبق رتبة من الكتاب والسنة ، أو التي هي في طول الكتاب والسنة ، لأن الكلام انما هو في القضية العقلية المقرونة بالجزم والتصديق التي يستكشف منها الحكم الشرعي على حد استكشافه من الكتاب والسنة ، فالاحكام العقلية التي تقع في مرتبة سابقة على الكتاب والسنة ، ويبرهن بها على اثبات مبادئ الكتاب والسنة خارجة عن محل الكلام.
كما ان الأحكام العقلية المتأخرة رتبة عن استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها ، وهي الاحكام الواقعية في عالم الامتثال والعصيان ، كوجوب الطاعة وحرمة المعصية ونحو ذلك من الاحكام العقلية ايضا خارجة عن محل الكلام ؛ لأنها ليست قضايا يستنبط منها حكم شرعي ، وانما تقع في مقام تشخيص وظيفة العبد تجاه الاحكام الشرعية المستنبطة من ادلتها ، فما هو محل الكلام هو المرتبة المتوسطة من الاحكام العقلية ، التي يمكن جعلها في عرض الكتاب والسنة. هذا تشخيص ما هو محل النزاع في المقام.
المقدمة الثانية : وقد عقدناها لبيان استنباط حكم شرعي من امثال هذا الدليل العقلي ، فنقول : ان العقل إما نظري ؛ بمعنى ادراك ما ينبغي ان يعلم ، وإما عملي بمعنى ادراك ما ينبغي أن يعمل ، اما العقل النظري فكيفية اقحامه والاستفادة منه في مجال استنباط الاحكام الشرعية ينظر فيها من طرفين ؛ طرف النفي ، وطرف