الاثبات.
أما طرف النفي فتطبيق قوانين باب الامكان والاستحالة على الاحكام الشرعية ، باعتبار ان الاحكام الشرعية ايضا تخضع لهذه القوانين ، كما انه تخضع لها سائر الوجودات الامكانية وغيرها ، فالعقل يمكنه ان يحكم باستحالة حكم شرعي خاص ، فاذا حكم باستحالة حصة خاصة من الحكم الشرعي امكن ببركة هذا الحكم العقلي الواحد بلا حاجة الى تجميع وتأليف عدة احكام النفي ، أي عدم ثبوت هذا الحكم الشرعي لاستحالة وجوده في عالم التشريع. ثم انه لو فرض قيام دليل على ثبوت حكم جامع بين ما هو المبرهن على استحالته وبين غيره أمكن بضم ذلك الدليل المجمل الى هذا الدليل العقلي اليقيني استنباط تعيين ذلك الجامع في حصة اخرى ، فيكون هذا الحكم العقلي هنا واقعا في طريق الاثبات ايضا.
وأما طرف الاثبات فالعقل يمكنه التصدي لاثبات الحكم الشرعي بتطبيق قوانين باب العلية والمعلولية على الحكم الشرعي باعتباره فعلا اختياريا صادراً من الفاعل العاقل المختار ، فبمقدار ما ينطبق من قوانين العلية على الفعل الاختياري الصادر من الفاعل الحكيم المختار يمكن الاستفادة منه في اثبات الحكم الشرعي في المقام ، وهذا يكون بأحد صور ثلاث ، وذلك لأن اثبات شيء عن طريق باب علته ومعلوله ، أي عن طريق علته المسمى بالبرهان اللمّي ، أو عن طريق معلوله المسمى بالبرهان الإنّيّ ، هذا الاثبات يتوقف على اثبات ذات العلة أو ذات المعلول ، واثبات علية العلة ومعلولية المعلول.
وحينئذٍ فتارة يفرض ان العقل يتصدى لاثبات كلا المطلبين لاثبات ذات العلة ولاثبات كونها علة ، أو لاثبات ذات المعلول واثبات كونه معلولاً ، فيتم بذلك البرهان اللمّي أو البرهان الإنّيّ بنفس الأحكام التي استقل بها العقل النظري.
ونمثل لذلك في طرف العلة بادراك العقل للملاك التام المحتوي على وجود المقتضي والشرائط وعدم المانع والمزاحم مع ادراكه علية هذا الملاك للحكم الشرعي بقانون تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، وبذلك يتم وجود العلة بحكم