ببركته نستكشف الحكم الشرعي اثباتاً أو نفياً. هذا حاصل المقدمة الثانية في بيان طريقة استكشاف الحكم الشرعي من الدليل العقلي الذي وقع الكلام والبحث في انه هل يجوز اعمال مثل هذه الطريقة فيه أو لا يجوز؟ وبعد هذا ندخل في أصل المطلب.
فنقول : ان تنقيح البحث في المقام يقع في مراحل ثلاث :
المرحلة الأولى : في دعوى عدم جواز التعويل على الأدلة العقلية من ناحية القصور بحسب عالم الجعل ، والمراد بالقصور بحسب عالم الجعل ان الاحكام الشرعية المجعولة مقيدة بحسب جعلها وتشريعها من قبل المولى ، بأن لا تصل عن طريق العقل مثلا ، بأن لا تصل عن هذا الطريق المخصوص ، أو ان تصل عن طريق آخر ، فحينئذ يكون القصور هنا في نفس الجعل. هذه هي المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية : هي أن يدعى عدم جواز التعويل على الأدلة العقلية من ناحية القصور في عالم الاستكشاف ، فيلتزم بأن عالم الجعل في نفسه تام ، ولكن الدليل العقلي لا يصلح ان يكون سببا للعلم بالحكم الشرعي ، فهناك قصور في قابلية الدليل العقلي للكشف عن الحكم الشرعي. هذه هي المرحلة الثانية من البحث.
المرحلة الثالثة : أن يسلم بأنه لا قصور في عالم الاستكشاف وان الدليل العقلي يكون سببا في احراز الحكم الشرعي ، إلا أن هذا القطع بالحكم الشرعي المعلول للدليل العقلي ليس بحجة ، فالقصور إنما هو بحسب عالم الحجية ، لا بحسب عالم الجعل ، ولا بحسب عالم الاستكشاف. هذه مراحل أو جهات البحث الثلاث التي لا بد من التعرض لكل منها.
أما المرحلة الأولى : وهي دعوى القصور بحسب عالم الجعل ، فقد قربها المحقق النائيني (قدسسره) ، على ما في تقريرات بحثه ، بهذا النحو :
ان الاخباريين مثلا لا ينكرون الاحكام العقلية ، ولا ينكرون الملازمة بين الحكم العقلي والحكم الشرعي ، وليس نظرهم الى الاشكال على جهة الاستكشاف ، أي استكشاف الحكم الشرعي من ناحية الحكم العقلي ، بل يطلق في