العقل.
إذاً فان كان المدعى في التقييد في المقام التقييد بعد فرض الاعتراف بالملازمة وتتميم عالم الاستكشاف ، بمعنى ان الخصم يقبل ان هناك أحكاما عقلية جزمية ، ويقبل ان هذه الاحكام العقلية الجزمية تؤدي الى الجزم بالحكم الشرعي ، ومع هذا يدعي التقييد ، فهذا خلف ومناقضة فيكون محالا في المقام ، سواء كان في العقل العملي أو في العقل النظري ، فإذا قبلنا الحسن والقبح أي حسن العدل وقبح الظلم ، وقلنا بالملازمة بين حكم العقل بالحسن والقبح وبين حكم الشرع ، إذا قلنا بكلا هذين الأمرين يستحيل في المقام تقييد حرمة الظلم بعدم وصولها عن طريق العقل ؛ لأن التصديق بذلك معناه التصديق بانفكاك المعلول عن العلة ، لأننا قلنا بان حكم العقل وحكم الشرع في المقام علة ومعلول متلازمان ، فالتصديق بهذا التقييد مساوق للتصديق بانفكاك العلة والمعلول.
وكذلك الحال في موارد العقل النظري لو فرض بان العقل حكم حكما بتاً بكون وجوب ذي المقدمة علة لوجوب المقدمة ، فحينئذٍ تصديق العقل بعد ذلك أن وجوب الوضوء غير ثابت مع فرض وجوب الصلاة يكون مساوقا للتصديق بعدم ثبوت المعلول مع فرض ثبوت العلة ، وهو محال ، اذا فهذا التقريب الذي وقع في كلام الميرزا (قده) ، وهو دعوى كون الجعل مقيداً بعد فرض تسليم عالم الاستكشاف ، وبعد فرض تسليم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أمر غير معقول.
نعم لو فرض ان الاخباريين يضمون الى دعوى انكار الملازمة والتشكيك في عالم الاستكشاف دعوى قصور عالم الجعل لكان هذا امراً معقولاً ، بمعنى ان الاخباريين ينكرون الملازمة بين الحسن والقبح وبين الحكم الشرعي ، أو ينكرون أصل العقل العملي في المقام ، وحينئذٍ فمن المعقول لهم ان يقيدوه ، وان يقولوا : ان الجعل الأول يكون مقيدا بأن يصل عن طريق الحجج ، عليهمالسلام ، بأن يكون سبب المعرفة به هو الحجج ، وان يكون وصوله منتهيا اليهم ، عليهمالسلام ، هذا أمر معقول بعد فرض عدم قبول العقل في نفسه ، أو عدم قبول استكشاف الحكم