وتمام ما ذكرناه انما كان بالنسبة الى الاحكام المرتبطة بالمجتهد والمقلد ، وأما الاحكام التي لا ارتباط لها بالمجتهد ، بل تختص بالمقلد كالأحكام المختصة بالنساء ، فيجيء فيها الاشكال بعينه ، ويجري فيها جميع المباني المتقدمة إلا مبنى واحد وهو مبنى الكشف والطريقية ، وذلك لأنه في الأحكام التي يكون لها ارتباط بالمجتهد ، قلنا بان دليل الحكم الظاهري يثبت حجية الحكم الظاهري للمجتهد ، ويستكشف من الحكم الظاهري الحكم الواقعي المشترك بين المجتهد والمقلد ، فلا مانع من ان يفتي للمقلد بذلك الحكم الواقعي ، وأما في الحكم الغير المرتبط به فحيث انه لا اثر لظنه بالنسبة الى نفسه فلا يمكن اعتبار ظنه قطعا وعلماً ، بخلاف الأحكام المشتركة فان لظنه بالواقع من الأحكام الظاهرية فيها اثر بالنسبة اليه فيمكن اعتبار ظنه علما ، ولا يصير هذا الاعتبار لغوا ، فاذا كان ظنه علما باعتبار الشارع يجوز له الاخبار عن الواقع للمقلد ، واما في الاحكام المختصة بالمقلد فحيث انه لا أثر لظنه بالنسبة اليه فيصير اعتبار ظنه لغوا ، فلا يمكن اعتباره ، فلا يكون عالما بالواقع باعتبار من الشارع ، ولا يجوز له الاخبار عنه.
ويمكن الجواب عنه بانه لا مانع من اعتبار ظنه حينئذ ايضا علما فلا يصير لغوا.
اما بحسب مقام الثبوت : فبناء على ان الظن كما يقوم مقام القطع الطريقي يقوم مقام القطع الموضوعي ايضا ، وأثره جواز الافتاء للمجتهد حينئذ فلا يكون لغوا ، بل يعتبر ظنه علما بلحاظ جواز الافتاء له.
وأما بحسب مقام الاثبات : فيختلف باختلاف التعبير في لسان الأدلة ، فبعض التعبيرات لا تكون شاملة له ، كصدق العادل ، فان الظاهر منه أن لزوم التصديق انما هو بلحاظ الآثار المترتبة على عمل المكلف والمصدق وهو المقلد دون الاثر المترتب بالنسبة للمجتهد ، وبعضها يكون شاملا للآثار المترتبة بالنسبة الى المجتهد ، كقوله (عليهالسلام) : «ما أديا عني فعني