كمون الجزئي في الكلي.
الأمر الرابع : بهذا البيان الذي حققناه يمكن معرفة وجه الحق في الخصومة القائمة بين المنطق الارسطي المعروف وبين مدارس المنطق الحديث ؛ فان ذلك المنطق بضمانه ، أو بدعوى ضمانه للعقل النظري إن أراد ضمانه بالمعنى الذي يشمل النوع الثالث لعدم التمييز بين النوعين فهو ضمان لا مبرر له ، وإن اراد ضمان خصوص ما هو مكتسب مما لا يمت الى العقل الثالث فهو ليس ضماناً للعقل النظري على الاطلاق ، ولا ضماناً في مقابل كثرة الاخطاء الملحوظة للجميع ، لأن كثرة الاخطاء مردها النوع الثالث من العقل.
كما ان انصار الاتجاه الحديث قد أخطئوا في دعوى ارجاع تمام مدركات العقل الى التجربة وإلى الاستقراء الذي ينتج عنه انتسابها جميعاً الى النوع الثالث من العقل ، فان استنتاج النتائج في مجال التجربة دائماً يتوقف على ضم كبريات مأخوذة من العقل البديهي أو المكتسب ، كما أوضحنا ذلك في محله ، وأخيراً تبين مما ذكرناه بيان آخر في رد شبهة الاخباري وتمسكه بكثرة الخطأ بما عرفنا من عدم كثرة الخطأ في خصوص العقل النظري المكتسب ، فيمكن تكوين الدليل العقلي منه لاستنباط الحكم الشرعي. هذا تمام ما أردنا الاشارة اليه في العقل النظري.
وخلاصة ما ذكرناه فيما يتصل بالعقل النظري هو التصنيف الثلاثي للعقل النظري.
العقل الأول المشتمل على المبادئ الأولى في العقل البشري ، وهو مضمون الصحة ضماناً ذاتياً لبداهة مبادئه وقضاياه التي يشتمل عليها ، وليس للمنطق الصوري أي دور ايجابي بالنسبة الى هذا الضمان.
والعقل الثاني هو العقل النظري المكتسب من العقل الأول ، وهذا العقل مضمون بالعرض ، والضامن له هو العقل الأول ، ولكن هذا الضمان بالعرض الذي يكفل حقانية العقل المكتسب انما يكون بشرطين : أحدهما عدم الذهول ، ونعني بالذهول تلك الحالة الاستثنائية التي قد تطرأ على الانسان وتؤدي الى غفلته عن