وبقطع النظر عن اثبات هذه الخصائص في خطابات الاحكام الشرعية وان التقى الاخباري والاشعري في النهاية في عدم الاعتماد على العقل العملي فإن النزاع مع الاخباري ليس تكراراً للنزاع مع الاشعري.
نعم يمكن ان نعتبر النزاع الذي قام عند المسيحيين بعد ذلك بين اللاهوتيين الذي وقفوا موقف الاشعري من الحسن والقبح تماماً ، وبين الفلاسفة العقليين الاوروبيين الذين شابه موقفهم بشكل عام موقف العدليين من الامامية وغيرهم ، يمكن ان نعتبر هذا النزاع صورة ثانية وتكراراً للنزاع الذي وقع بين الاشاعرة وأهل العدل ، وسوف نتناول في بحوثنا المسألة من كلا جانبيها الاشعري والاخباري.
والكلام في ذلك يقع في جهتين ؛ الأولى : في الموقف النقضي ، والثانية : في الموقف الحلي.
الموقف النقضي
أما الجهة الأولى فالمعروف عادة النقض على الاشعري بالعقل العملي المعمول به في المرتبة المتأخرة عن الكتاب والسنة ؛ أي حكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية ، والنقض أيضاً بالعقل العملي المعمول به في الرتبة السابقة على الكتاب والسنة ، والواقع في طريق اثبات أحد مبادئها وهو النبوة ؛ لأن اثباتها بالمعجزة يتوقف على حكم العقل بقبح اظهار الله المعجز على يد الكاذب ، وهذا الحكم العقلي عقل عملي ، والنقضان معاً قد يوردان على الاخباري أيضاً باختلاف في التعبير.
أما النقض الأول فلا يتجه لا على الاخباري ولا على الاشعري ، بمعنى ان كلا منهما يمكنه التخلص منه مع التحفظ على مبناه في المسألة.
أما الاخباري فهو كما عرفنا يسلم بالحسن والقبح في الأفعال ولا يشكك في المعقول ، وانما يشكك في العقل ، وفي الاعتماد على الادراك العقلي لذلك ، فيمكنه اذاً مع الحفاظ على اساسه ان يظن بوجوب الطاعة وقبح المعصية ، ومجرد