يؤديان» (١). هذا تمام الكلام في المقام الثالث.
المقام الأول
وأما المقام الأول : فقد ظهر حاله من طي كلامنا في المقام الثاني والثالث وليس فيه زيادة بحث ؛ وذلك لانه :
أما في الأصول العملية فتارة يقع البحث في الفحص وانه مختص بالمجتهد؟ أم يعم المقلد؟ وأخرى في موضوع الأصل كاليقين السابق والشك اللاحق في الاستصحاب والعلم الاجمالي في الاحتياط والتخيير ، أما في الموضوع فلا شك أن اليقين السابق مختص بالمقلَّد (بالفتح) فانه هو الذي يتمكن من اليقين بالحكم وان كان المقلد يحصل له الشك ايضاً ، وكذا العلم الاجمالي بالحكم من مختصات المقلَّد (بالفتح) ولا يشمل العامي ، وهذا واضح ، وأما بالنسبة الى الفحص فهو ايضا مختص بالمجتهد اذ هو الذي يتمكن منه دون المقلد ، إلا أن يقال ان فحص كل شخص بحسبه ، ومن اساليب الفحص بالنسبة الى المقلد ، هو الرجوع الى رسالة المجتهد لتمكنه منه.
وأما في الامارات فيكون الفحص عن المعارض والمخصص فيها ايضا مختصا بالمجتهد دون المقلد ، لعدم تمكنه منه ، إلا أن يقال هنا ايضا بأن فحص كل شخص بحسبه وفحص العامي انما هو الرجوع الى رسالة مقلده ، هذا تمام البحث في المقامات الثلاثة.
ويمكن تحليل عملية الافتاء في المقام بالتمسك بالاطلاق المقامي ؛ وذلك بأن يقال : ان هذه النكتة ، وهي نكتة الفرق بين الاحكام الظاهرية والواقعية التي صارت منشئا للشبهة والاشكال ، يكون مغفولا عنها غالبا حتى بالنسبة الى المجتهدين. وأدلة جواز التقليد كقوله تعالى : (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) (٢)
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة باب حجية أخبار الثقات ، ح ١.
(٢) سورة التوبة آية ١٢٢.