فيمكن للخصم المنكر للمقدمة العقلية العملية ان يدعي التمسك بتلك الدلالة التامة في المرتبة السابقة ، وصحة الاعتماد عليها ، ويكون ضم المقدمة العقلية حينئذٍ بحسب التحليل ضم شيء الى الدليل ، لا ضم شيء الى شيء ليكتمل الدليل.
وإن فرض ان المعجزة في المرتبة السابقة على ضم المقدمة العقلية غير دالة على النبوة وصدق الدعوى فلا يمكن تتميم الدليل بضم المقدمة العقلية ، اذ بعد فرض ان المعجزة في حد نفسها لا تدل على النبوة فلا يكون السماح بظهورها من قبل الله تعالى على يد الكاذب تضليلاً ، وبالتالي لا يكون قبيحاً ، لأن المفروض عدم دليلية المعجزة بذاتها ، فضم المقدمة العقلية على ضوء ما حققناه ، إما ضم لها الى ما يعترف بكونه في نفسه دليلاً على النبوة ، وإما هو ضم باطل لا مبرر له.
فان قيل : ان المعجزة في المرتبة السابقة دليل لدى العامة لبساطتهم بلا حاجة الى ضم مقدمة عقلية ، وليست دليلاً للخاصة ، وحينئذٍ فالخاصة يحتاجون في تتميم الاستدلال بالمعجزة الى القول بان المدعي لو كان كاذباً لكان اظهار المعجزة على يده تضليلاً للعوام باعتبار انها دليل على مستوى من مستويات العقل البشري ، والتضليل قبيح غير محتمل من الله تعالى ، فالمدعي ليس بكاذب ، إذاً فضم المقدمة العقلية إنما هو متمم للدليل عند الخاصة بعد فرض تمامية الدليل في المرتبة السابقة بنفس المعجزة على مستوى أعم ، وأبسط من التفكير البشري.
قلنا : أولاً : يكفي لدفع النقض ان يعترف صاحب الدليل بوجود دليل في المرتبة السابقة ، إذ يمكن للاشعري حينئذٍ دعوى الاعتماد على تلك الدلالة ، ويقع البحث حينذاك بينه وبين اصحاب الدليل الكلامي في صحة الدلالة وعدمها ، والبحث في صحة الدليل وخطئه غير مسألة انسداد باب النبوة.
وثانياً : وهذا هو المهم ، ان الاستدلال بالرغم من التقريب الذي ذكر قبل قليل يبقى باطلاً من الناحية الفنية ، ومستبطناً لقيام الحجة على المدعى في الرتبة السابقة.
بيان ذلك : ان المعجزة في المرتبة السابقة على ضم المقدمة العقلية اما ان يفرض انها دليل على النبوة ، وسبب للتصديق بها عند كل احد دون فرق بين الخاصة