ان المعجزة بحد ذاتها ، وفي المرتبة السابقة على المقدمة العقلية تكون دليلاً على صدق المدعي في تمام مدعاه الذي اقترن باقامة المعجزة ، وهذه الدليلية دليلية عامة يستوي فيها الافراد جميعاً بعد فرض اثبات الصغرى ، دون فرق بين الخاصة والعامة ، وإنما الفرق بين الخاصة والعامة في مقام تشخيص الصغرى ، حيث ان العامة أسرع الى تصديق الصغرى لبساطتهم ، وهذا التصديق العام على اساس المعجزة من شئون العقل النظري.
وتحليل هذا التصديق من قبل العقل النظري يحتاج الى تفصيل لا يسعه المقام ، فانه يستبطن مقدمتين :
احداهما : ان العادة الجارية على عدم احداث الحصى للصوت ، ولنأخذ هنا مسألة تسبيح الحصى ، ان العادة المستمرة والتجربة الطويلة للانسان التي تكشف عن سلبية الحصى من هذه الناحية ليس مجرد صدفة ، ونقصد بالصدفة هنا الصدفة بمفهومها العلمي لا الفلسفي ؛ إذ لو احتمل ان ذلك مجرد صدفة ، أي ان سلبية الحصى في كل مورد انما هي باعتبار سبب مجهول ، وحيث انه اتفق دائماً اقتران الحصى بسبب ما من الاسباب المجهولة التي تؤدي الى هذه سلبية ، كانت النتيجة سلبية في التجربة والملاحظة دائماً.
أقول لو احتمل كون هذه السلبية صدفة بهذا المعنى ، واحتمل كون نسبتها اليه كنسبة سلبية الكلام الى انسان ما ، في لحظة ما ، لو احتمل هذا لما حصل التصديق ، وفي الحقيقة لما كانت المعجزة معجزة ، ونفي هذا الاحتمال يكون على اساس حساب الاحتمالات ومنطق التجربة للعقل النظري الثالث ، وبعد ان يفرغ في هذه المقدمة عن ذلك ويعرف من ناحيتها ان رفع سلبية الحصى على يدي النبي انما هو نتيجة تدخل من وراء عالم قوانين الطبيعة التي حددتها التجربة وحساب الاحتمالات ينتقل الى المقدمة الثانية. وهي دلالة هذا التدخل من وراء عالم الطبيعة على تعلق ارادة الله سبحانه بتصديق مدعي النبوة ، وهذه المقدمة يمكن القول بأنها قضية بديهية تصديقاً بعد استيعاب تمام اطرافها تصوراً ، فتكون مضمونة الحقانية على تفصيل لا