والبداهة ، وانما هو نتيجة تلقين مستمر ، وهذا القول لا يعني انه لا يوجد هناك ادراك بحسن وقبح غير العنوانين الشرعيين ، وانما يعني ان نفس الادراك هو نتيجة للتلقين الشرعي الذي ادى الى جزم الانسان خطأ بواقعية أمور لا واقع لها ، وكل ذلك يبحث في الجهة الثالثة التي سوف يأتي الكلام عنها.
وبقطع النظر عن الجهة الثالثة لا يبقى للأشعري هنا ان يدعي شيئاً الا عن طريق الخطأ بين الحمل الأولي والحمل الشائع ، أو عن طريق تبديل اسلوب البحث العلمي باسلوب التكذيب بدلاً عن التخطئة ، نعم يبقى للأشعري كلام واحد يمكن ان يقوله دون ان يرتكب احد هذين الأمرين ، وهو أن ادراك الحسن والقبح بالحمل الشائع وإن كان مغايراً سنخاً لإدراك الحسن والقبح الشرعيين ، وكان غيره ، الا انه يقول أن هذا الادراك للحسن والقبح بالحمل الشائع انما يختص بخصوص موارد الحسن والقبح الشرعيين ، بمعنى ان العقل انما يدرك واقع الاستهجان أو واقع الاستحسان فيما يكون معصية للشرع أو طاعة له ، فهو في طول الحسن والقبح الشرعيين ، وان كان يخالفه في مدركه سنخاً ، والأشعري ان قال هذا كان ذلك منه اعترافاً بالعقل العملي وبالحسن والقبح العقليين ، وتفصيلاً في المسألة بين الموارد.
الجهة الثانية
وأما الجهة الثانية فهي في درس العلاقة بين ادراكنا للحسن والقبح غير الشرعيين ، وبين باب المصاح والمفاسد ، بمعنى اننا بعد ان فرغنا في الجهة الاولى عن اصل ثبوت ادراك لنا للحسن والقبح وراء الحسن والقبح الشرعيين ، وقبل ان نتبين حقانية هذا الادراك وعدم حقانيته نريد ان نتناول بالدرس علاقته بباب المصالح والمفاسد لنرى هل ان ملاك هذا الادراك في وجداننا هو ادراك المصلحة والمفسدة؟ أو أنه مستقل عن هذا الباب؟ وفي مقام ربط هذا الادراك بهذا الباب توجد احتمالات ثلاثة :
الاحتمال الأول : ان يكون ادراك الحسن والقبح مرتبطاً بباب المصلحة الشخصية ، ونتيجة لتشخيص هذه المصلحة ، ويقصد بالمصلحة الشخصية هنا ما