ويستخلص من جميع ما ذكرناه في تصوير المدعى الامور الآتية :
أولاً : ان الحسن والقبح صفة للنسبة القائمة بين السلطنة والفعل ، ومرجع هذه الصفة الى ضرورة ايقاع النسبة او ضرورة عدمها.
ثانياً : ان هذه النسبة حيث كانت متقومة بالسلطنة فلا محالة تكون الضرورة فيها ضرورة في طول السلطنة ، ولأجل ذلك يختص العقل العملي بموارد الافعال الاختيارية ؛ إذ لا سلطنة في غير تلك الموارد.
ثالثاً : ان هذه الضرورة التي هو في طول السلطنة تختلف عن الضرورة التكوينية المقابلة للامكان مرتبة وسنخاً ، أما من حيث المرتبة فلأن السلطنة هي قسيم للضرورة التكوينية ، بناءً على ما حققناه في محله من كون النسبة إما الوجوب أو الامكان ، أو السلطنة ، بينما ان الضرورة الخلقية أي ضرورة العقل العملي في طول السلطنة ، كما أن الصورتين مختلفتان سنخاً ؛ لأن احداهما تكوينية والأخرى اخلاقية.
رابعاً : ان واقعية الضرورة التي نتكلم عنها في باب العقل العملي على حد واقعية الضرورة التكوينية ، بمعنى انها ثابتة في لوح الواقع بقطع النظر عن اعتبار أي معتبر.
خامساً : ان المدح والذم لا مزية لهما في باب العقل العملي ، بل هما فعلان كسائر الافعال الاختيارية ، وليس معنى حسن سائر الافعال أو قبحها حسن المدح أو الذم ، بل حسن المدح والذم انما هو بملاك حسن الممدوح وقبحه.
سادساً : ان اتصاف المدح والذم للفعل الاختياري بالحسن والقبح ، انما هو في طول علم الفاعل بحسن الفعل الممدوح ، أو قبح الفعل المذموم في نفسه ، بمعنى ان العلم بحكم عقلي من قبل الفاعل اخذ في موضوع حكم عقلي آخر.
هذا تمام الكلام في تصوير المدعى ، وستأتي بعض التفصيلات في تضاعيف البحث ، كما ان اصل الحديث عن السلطنة التي تكون الضرورة الخلقية في طولها قد