بينما كان الحجر محكوماً بقانون طبيعي صارم واحد بحيث يمكن التنبه بما سيقع عند ما تقذفه الى جهة ، ولا يمكن في حق الحجر بحال من الاحوال ان يغير من موقفه أو من وضعه حسب الظروف نجد أن النبات يمكن في حقه ان يكيف تصرفه حسب الظروف ويتفادى الاصطدام.
ويزيد عليه الحيوان الممكن في حقه الوان عديدة من الحركة والفعل ، إلا أنه بالرغم من سعة منطقة الامكان له نسبياً فهي منطقة مقفلة في حدود غرائزه وشهواته.
وأما الانسان فهو أوسع منطقة من كل ذلك لأن منطقته ليست مقفلة في حدود غرائزه ، لإمكان حكومة العقل على الغريزة في الانسان.
وأما من ناحية نسبة الوجوب فالوجوب في الانسان يختلف عن الوجوب في العلة الطبيعية باعتبار كونه وجوباً في طول الاختيار ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار وإلا لزم من وجوده عدمه ، بخلاف الوجوب في سائر الموارد فانه لم ينشأ من الاختيار ، بل هو في قباله.
هذا خلاصة ما يستنتج من روح كلماتهم في تصوير الفرق ، وهو فرق لا يرجع الى محصل.
أما من حيث نسبة الامكان فلأن سعة دائرة الامكان للانسان نسبياً لا يصحح عنوان الاختيار ، ولا ينتزع منه مفهوم الحرية ، فان الانسان بقطع النظر عن ارادته ومبادئ الارادة ليس في الحقيقة على اساس المظهر الفلسفي إلا مادة قابلة للتكيف بالصلاة وغيرها من الأفعال ، فيكون امكان الصلاة على الانسان بما هو على حد امكان كل شيء بالنسبة الى مادته القابل له ، فكما ان اوسعية دائرة الامكان في قبول المادة لا يكون مصححاً لاختيارية مادة في قبال مادة اخرى كذلك الحال في المقام.
وأما من حيث نسبة الوجوب فما يكون في طول الاختيار وإن كان لا ينافي الاختيار ، كما افيد ، ولكن ما هو هذا الذي يكون الوجوب في طوله والذي يسمى بالاختيار ، ان الوجوب عندهم في طول الارادة التي هي العلّة الفاعلية ، وتسمية الارادة اختياراً إن كانت مجرد اصطلاح فلا نزاع فيه ، ولا يجدي مجرد الاصطلاح