فنقول : ان برهاننا على ثبوت مصداق هذه السلطنة ، بحيث تخرج دعوى الاختيار عن حيز الوجدان الصرف الى حيز البرهان ، لأول مرة في تاريخ هذه المسألة ان برهاننا على ذلك يتوقف على تحقيق مقدمة وهي : ان الممكن بالذات لا يمكن ان يستلزم وان يكون علة للمحال بالذات ، نضيف الى ذلك ان المحال بالذات لا يمكن ان يكون معلولاً لشيء سواء كان ذلك الشيء ممكناً بالذات أو محالاً بالذات ، وكل من هذين الامرين مما نبرهن عليه في غير مجال هذه الاشارة.
نضيف الى ذلك : ان ارتفاع النقيضين أو ما بحكمهما أي الضدين الوجوديين اللذين لا ثالث لهما محال بالذات ، واستحالة ذلك بديهية عند الجميع ، على حد استحالة اجتماع النقيضين أو ما بحكمهما.
ونضيف الى ذلك ايضاً ان فرض تساوي نقيضين أو ما بحكمهما في تمام الخصوصيات المرجحة لوجود احدهما على الآخر لأي فاعل يفرض في العالم أمر ممكن بالذات ، ولا أعني بذلك ان الانسان قد يصادف امرين من هذا القبيل ولا يجد في نفسه مرجحاً لا حدهما على الآخر ، كطريقي الهارب ، ورغيفي الجائع ، ليقال بانك لما ذا تكتفي بدعوى الامكان دون الوقوع ؛ إذ في مثل ذلك يقال فلسفياً : ان المرجح موجود من قبل فاعل أرقى من الانسان رتبة ، فلم يصدر الفعل بلا مرجح ، ونفي هذا بالدليل بعد فرض الاعتراف بالفاعل الارقى من الانسان غير ممكن ، ولهذا التجأنا الى فرض ذلك بنحو الامكان. هذه هي الأمور الاربعة التي لا بد من تفصيلها في المقدمة.
وبناءً عليها ، فلو فرضنا امرين كالنقيضين لا يكون هناك مرجح لاحدهما على الآخر اطلاقاً ، وبلحاظ تمام الفواعل الطولية ، لكان هذا سببا وعلة ، أي أن عدم المرجح يكون سبباً لامتناع كل من الطرفين امتناعاً غيرياً ، والامتناع بالغير سبب لنفيه ، لأن الشيء ما لم يمتنع لم يعدم ، كما ان الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فيكون هذا الفرض الذي فرضناه علة لارتفاع النقيضين ، وهذا مستحيل.
أما لأجل ادائه الى علية الممكن بالذات للمحال بالذات ، أو لأجل ادائه الى