عن عدم ذاتية الحسن ، وبالتالي عن عدم واقعيته.
وقد أجيب عن هذا الاشكال بأن اتصاف غير عنواني العدل والظلم بالحسن والقبح انما هو باعتبار هذين العنوانين بهما ذاتي ؛ لأن كل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، وبالنسبة إلى هذين العنوانين لا تخلف ولا اختلاف ، إلا أن هذا الجواب غير صحيح كما سيأتي تحقيقه.
فالأولى أن يقال أولا : إننا ننكر اختلاف نفس العناوين التفصيلية لقضايا الحسن والقبح ، على ما يأتي توضيحه ان شاء الله من دون ارجاعهما إلى عنواني العدل والظلم ، وتلك العناوين بانفسها وبخصوصياتها التفصيلية دائمية الاتصاف بوصفها ، فلا يبقى مجال للاستدلال بالاختلاف على عدم الذاتية والواقعية.
ويقال ثانياً : انه لو سلم الاختلاف فهو لا يساوق فرض كون الحسن مكتسبا ومعطى بعلة خارجية ليكون منافيا مع الذاتية التي فرضت اصلا موضوعيا ، بل أن دخل الحالة الخاصة في اتصاف الصدق بالحسن يكون على حد دخل الحيثية التقييدية لا الحيثية التعليلية ، وبتعبير آخر ان ما فرض في الأصل الموضوعي من كون الحسن ذاتيا على فرض واقعيته ان أريد به الذاتية في قبال كونه معلولا لعلة خارجية معطية للحسن فهذه الذاتية محفوظة في المقام حتى مع اختلاف الحالات ؛ لأن دخل الحالة إنما هو بنحو التخصيص لمعروض الحسن وتقييده ، لا بمعنى وجود علة خارجية لعروض الحسن على معروضه ، وأن أريد به الذاتية بمعنى كفاية نفس الصدق بذاته لانتزاع الحسن منه فهذا مما لا موجب لتوهم ضرورة الالتزام به في المقام.
المقام الثالث
وأما المقام الثالث فنتعرض اولا : لموقف المثبتين ، وثانيا : لموقف المشككين. أما المثبتون للحسن والقبح فقد استدلوا اضافة إلى النقوض السابقة التي تقدمت مع جوابها بوجهين آخرين ، احدهما : اتفاق العقلاء على القضية ، ومن المعلوم انه لا ينبغي ان يكون المقصود من هذا الوجه الاستدلال على القضية