كان المراد بالأعلم الأجود استنباطا فلا يرد هذا النقض ؛ وذلك لأن اجودية الاستنباط تحصل من كثرة التجربة والاطلاع على تجارب الآخرين ، فالأعلم من الأحياء يكون دائما أجود استنباطا من تمام الأموات وان كانت العظمة لواحد من الأموات فلنفرض ان الانظار كانت خمسين الى زمان الشيخ الانصاري (قدسسره) ، فأضاف الشيخ اليها اربعين ، واضاف جميع الاحياء الى التسعين خمسة ، ومع ذلك يكون الأعلم من الاحياء اجود استنباطا من الشيخ الانصاري (قدسسره) لاطلاعه على جميع الخمسة والتسعين ، بخلاف الشيخ فانه كان مطلعا على تسعين فحسب ، وان كانت العظمة للشيخ حيث اضاف وحده اربعين الى الخمسين ، وعلى هذا لا يكون هذا النقض وارداً.
خامسها : إن الأعلم يحتمل ان يخلق الله رجلا أدق وأعلم منه بكثير اذ ليس هذا بمحال وان كان الأعلم قويا في فكره دقيقا في نظره ، فيتباحث معه ويغلبه ، ولا يحصل له القطع بالحكم ، لا أقل من انه يحتمل ان يظهر الامام (ع) ويباحثه ويرجعه عن فتواه.
هذا هو الجواب النقضي ، اذا فكل مجتهد سواء كان أعلم أو غير أعلم يحتمل الخطأ في رأيه ، فلو قلنا باضرار ذلك في حجية رأيه لانسد باب الاجتهاد مع أنه لا نحتمل ذلك ، فلا بد حينئذ من التخلص عن هذا الاشكال ، ومن هنا فإن الجواب عنه إنيٌّ لا لميٌّ كما لا يخفى.
أما الجواب الحلي فنقول : ان دليل الحكم الذي وصل اليه رأيه قد يكون دليلا شرعياً ، وقد يكون دليلا عقليا.
فان كان دليلا شرعيا فمرجع احتمال الخطأ في الرأي فيه هو الشك في الظهور ، فلو استقر رأيه في باب الاستصحاب على حجيته حتى في مورد الشك في المقتضي لأن لدليله اطلاقا بالنسبة للشك في المقتضي ، واحتمل انه لو باحث الشيخ الانصاري (قدسسره) القائل بعدم حجية الاستصحاب في موارد الشك في المقتضي لخطأه واثبت عدم الحجية له ، فمرجع هذا الى الشك في ظهور دليل