والقبح بالذات فلا يختلف فيه الحسن والقبح باختلاف الحالات.
وهذا الجواب المشهوري غير صحيح ؛ لأن قضية حسن العدل وقبح الظلم لا يمكن جعلها هي الاساس والقضية الاولى في العقل العملي ، وجعل باقي قضايا الحسن والقبح تفريعات وتطبيقات لها ؛ لأن لفظ الظلم ليس له معنى إلا سلب الحق ، فظلم الشخص لغيره هو سلب حقه منه ، وحينئذٍ فانطباق عنوان الظلم على فعل كأخذ مال الغير مثلاً إما أن لا يفرض ثبوت حق في المرتبة السابقة عليه ثبوت حق للمظلوم ، وإما أن يفرض ثبوته ، فان لم يفرض ثبوت حق في المرتبة السابقة فلا يعقل ثبوت الظلم ، وبالتالي لا موضوع لقبح الظلم ، وإن فرض ثبوت الحق للمظلوم في المرتبة السابقة فهذا الحق المفروض في الرتبة السابقة إما أن يكون بنفسه مدركاً بالعقل العملي ، وإما أن لا يكون مدركاً له بما هو قوة دراكة ، وانما يرجع الى الجعل والتشريع والتقنين ، فعلى الثاني لا يدرك العقل العملي ثبوت الظلم ، وبالتالي لا يدرك قبح الظلم ، لانه متقوم بثبوت الحق في الرتبة السابقة ، والقوة التي لا تدرك المقوم لا تدرك المتقوم.
وان فرض الأول وكان الحق ثابتاً بادراك العقل العملي في الرتبة السابقة ، يكون اتصاف الفعل بالظلم وقبح الظلم في طول حكم العقل العملي بثبوت ذلك الحق.
وهكذا يتبرهن ان الظلم لا يعقل ان يكون هو الموضوع أولاً وبالذات لاحكام العقل العملي ، بل إما لا ظلم ولا قبح في أفق ادراك العقل العملي ، وإما أن هناك حكماً للعقل العملي في الرتبة السابقة على قبح الظلم موضوعاً ومحمولاً ، وبهذا تعرف ان قبح الظلم انما هو من قضايا العقل العملي وليس اساساً لها ، بمعنى اننا ننتزع من سائر موارد الحق المدرك بالعقل العملي عنوان الظلم ونحمل عليه القبح بنحو المعرفية لا الموضوعية.
فالصحيح في مقام الجواب هو انكار اختلاف الناس في اصل الحسن والقبح ، وانكار اختلاف الحسن والقبح باختلاف الحالات ، اما اختلاف العقلاء في