الحركة.
وعلى أساس هاتين النكتتين نقول في المقام : إن الخلاف الواقع أو المدعى لا يبرهن على عدم كون القضية بديهية ما دام من الممكن تفسيره إما بوجود المانع بلحاظ النكتة الأولى ، وإما بقصور المرتبة بلحاظ النكتة الثانية ، فلا بد للخصم من ان يبرهن على عدم نشوء الخلاف عن هذين الأمرين ، وهكذا يتضح عدم تمامية الدليل الذي افيد لاثبات عدم برهانية قضايا العقل العملي ، وبالتالي عدم ضمان حقانيتها ، أو ما اسميناه بالتشكيك على اساس المنطق البرهاني.
والتحقيق في المقام : بعد أن عرفت عدم تمامية شيء مما افيد في تقريب النفي أو الاثبات أو التشكيك المنطقي ان الاستدلال على قضايا العقل العملي غير ممكن ، سواء اريد الاستدلال على اصل المدعى ، أو على بديهية المدعى.
أما على الأول فلأن الاستدلال عليه اما بعقل التجربة أو عقل البرهان ، وكلاهما غير ممكن ، أما الأول فلخروج تلك القضايا عن مجال التجربة ، وأما الثاني فلأن مرجع البرهان في نهاية التحليل ، كما عرفنا سابقاً ، الى اثبات الحد الاكبر للحد الأصغر ببركة ثبوت الاكبر للاوسط الثابت للاصغر ، وفرض الحد الاوسط في المقام خلف ، لأنه يستدعي فرض قضية للعقل العملي في المرتبة السابقة ، فنطالب بالبرهان عليها حتى نصل الى العقل العملي الذي لا برهان عليه لمنع التسلسل.
وأما الاستدلال على بديهية المدعى ، بمعنى كون القضية نابعة من النفس وليست معلولة لتلقين المؤدبين فهو ايضاً غير ممكن لأن كون القضية معلولة لكذب المؤدبين إما ان يوجد لدى الانسان احتمال ذلك في بدو الأمر ، وإما ان لا يوجد ، فان لم يوجد كان معنى هذا انه قاطع بنشوء الحكم عن حاق النفس ، وكونه بديهياً حقيقة أو اعتقاداً ، ومعه لا يطلب الدليل ، وان وجد احتمال معلولية العقل العملي لكذب المؤدبين ، الأمر الذي يؤدي في الانسان السوي الى زوال حكمه بقضايا العقل العملي وقطعه بها ، فلا يمكن رفع هذا الاحتمال بالدليل ، لأن رفع احتمال عليّة شيء لشيء إما أن يكون بالتجربة ، وذلك بعزل احدهما عن الآخر خارجاً ، وإما