أن يكون بالبرهان إذا فرض ان العلية كانت تتنافى مع القوانين البرهانية للعليّة العامة ، كما إذا ادعى معلولية المجرد للمادي.
وفي المقام لا يتيسر كلا الامرين ، أما الأول فلعدم تهيؤ تجربة نعزل فيها انساناً عن كذب المؤدبين لنرى حاله ، واما الثاني فلأن العلية المدعاة لا تتنافى مع القوانين البرهانية العامة لتبطل بالبرهان ، وواقع الأمر من هذين الشقين إن جزمنا بقضايا العقل العملي لا يتزعزع في مقابل ابداع الآخرين ، لاحتمال نشوئها عن كذب المؤدبين ، ومعنى هذا انا جازمون بعدم نشوئها عن كذب المؤدبين ، وانها قضايا بديهية مضمونة الحقانية ، وان لم يكن الحال كذلك في العقل العملي الثاني المعمول لتشخيص مقتضيات التزاحم. هذا تمام الكلام في اصل العقل العملي ، وبهذا انتهى المقام الأول ، وسوف ننتقل الى المقام الثاني.
المقام الثاني
في الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع وانه اذا حكم بحسن شيء أو قبحه فهل يحكم الشرع ايضاً وفقاً لذلك وتبعاً له؟ قلنا في صدر البحث ان استنتاج الحكم الشرعي من العقل العملي يحتاج الى ضم مقدمة من العقل النظري ، وهي الملازمة بين العقل العملي وبين الحكم الشرعي ، وهذا المقام الثاني في بحث هذه المقدمة التي نحتاج الى ضمها الى العقل العملي في استنباط الحكم الشرعي حينئذٍ.
إن هذا البحث بناءً على المبنى الاشعري لا موقع له اذ بناء على المبنى الاشعري الحسن والقبح هما وليدا الشارع ونتيجة جعل الشارع ، فلا معنى للبحث عن استتباعه للجعل الشرعي ، وأما بناء على المذهب الفلسفي بالنحو الذي شرحه المحقق الاصفهاني (قدسسره) ، أي بناء على ان الحسن والقبح من القضايا المشهورة التي تطابق عليها العقلاء ، وانه لا واقع لهذه القضايا الا نفس تطابق العقلاء على المدح والذم على الافعال حفظاً لنظام النوع ، وللمصالح النوعية التي بها ينحفظ المجتمع ، بناءً على هذا المذهب الفلسفي في تفسير الحسن والقبح قيل : ان الملازمة تامة بين حكم العقل وحكم الشرع باعتبار ان الشارع هو ايضاً احد