العقلاء ، بل بالحقيقة التعبير بالملازمة مسامحة ، بل هو تضمن لا ملازمة ، فان هذه القضايا المفروض فيها انها مما تطابق عليها العقلاء بما هو عقلاء ، وبحيثية كونهم عقلاء ، فإذا فرض ان تطابقهم على المدح والذم الذي هو عبارة اخرى عن قضايا الحسن والقبح كان بما هم عقلاء وتطابقوا على ذلك فلا محالة يكون كل عاقل جزءاً من هذه التطابق ، وإلا لم يكونوا بما هو عقلاء متطابقين على هذا ؛ إذا فيكون الشارع ايضاً متطابقاً على المدح والذم ، لكن بوصف كونه عاقلاً لا بوصف كونه مولىً وشارعاً.
وهذا لا يغير من حيث النتيجة شيئاً فانه بما هو عاقل متفق مع العقلاء على المدح والذم ومدح كل شخص بحسب امكانياته ، فمدح من لا حول ولا طول له أو ذمه انما هو باللسان ، ولكن من له كل الحول وكل الطول فمدحه بالجنان وذمه بالنيران ، فحينئذٍ تكون النتيجة ايضاً هي النتيجة ، وهذا الكلام كلام شعري لا معنى له اصلاً ، وذلك لأن تطابق العقلاء على المدح والذم في المقام لم يكن لمجرد حيثية كونهم عقلاء ، بل كان لحيثية كونهم عقلاء ذوي مصلحة. العقلاء بحيثية كونهم عقلاء فقط شأنهم الادراك فقط لا شأنهم التطابق على المدح والذم. التطابق على المدح والذم ، أي التطابق والبناء على عمل معين ، وهو ان يمدحوا من يصدق ، ويذموا من يكذب ، هذا ليس شأن العقلاء بحيثية كونهم عقلاء ؛ إذ العقلاء بحيثية كونهم عقلاء صرفاً بلا زيادة شيء على هذه الحيثية شأنهم محضاً هو الادراك ؛ لأن هذه الحيثية وظيفتها الادراك فقط ، فاذا لوحظ العقلاء بمقدار هذه الحيثية لا اكثر لا يكون لهم إلا الادراك ، والمفروض ان المدح والذم ليس امراً واقعياً على هذا المبنى يدركه العقلاء ، وانما هو امر بنائي تطابق العقلاء عليه في مقام العمل ، إذاً فهذا التطابق على المدح والذم لا يعقل ان يكون من العقلاء كونهم عقلاء ، بل هو يحتاج الى ضم ضميمة الى هذه الحيثية ، بحيثية كونهم عقلاء ادركوا المصالح والمفاسد ، ادركوا ان الصدق فيه مصلحة للمجتمع ، وان الكذب فيه فساد للمجتمع ، كونهم يريدون ان يعيشوا في مجتمع مستقر هادئ وتقضى حوائجهم في هذا المجتمع ، فبما انهم هم اصحاب تلك المصلحة النوعية ، وأصحاب تلك