السؤال الأول : هل إن حكم الشارع ملازم حتماً مع هذا الأمر الواقعي الذي هو عبارة عن الحسن والقبح ، أو ليس هناك ملازمة بينهما؟ وبتعبير آخر هل إن الحسن والقبح الواقعي يكون ملاكاً تام الملاكية للحكم الشرعي ، أو لا؟
السؤال الثاني : إنه لو فرض انه لا يلازم حكم العقل حكم الشرع ، فهل ينافيه او لا؟ هذا السؤال عكس السؤال الأول.
أما السؤال الأول فجوابه : لا يلازم حكم العقل حكم الشرع وذلك لأن هذا الامر الواقعي المدرك وهو الحسن والقبح له محركية بمقدار ما يستتبعه من استحقاق المدح والذم ، أو استحقاق الثواب والعقاب بالتعبير الاصطلاحي ، بهذا المقدار يكون له محركية سواء جعل الشارع حكماً على طبقه أو لم يجعل الشارع حكماً على طبقه ، وحينئذٍ فيرى مقدار اهتمام الشارع بحفظ هذا الواجب الاخلاقي ، فإن فرض ان اهتمام الشارع بحفظ هذا الواجب الأخلاقي كان بمقدار ينشأ عنه محركية مثل ما ينشأ من المحركية الذاتية للقضية الواقعية ، بحيث لا يريد أكثر من هذا المقدار فلا موجب له إلى جعل آخر.
وإن فرض ان اهتمامه اكثر من هذا المقدار بحيث ان القضية الواقعية بذاتها تحرك بمقدار خوف خمسين سوطاً ، واهتمام الشارع بمقدار بحيث إنه يستعد لمعاقبة هذا الانسان بمائة سوط وتهديده بمائة سوط لأجل تجنيب هذه المعصية الاخلاقية ، فحينئذٍ يجعل الحكم لا محالة في المقام ، اذ بجعله للحكم يتأكد الواجب الاخلاقي ، اذ يكون هذا مطبقاً لعنوانين لا محالة ؛ يكون مطبقاً للعنوان الأول ويكون مطبقاً لعنوان حق الطاعة فيكون جامعاً لحقين عقليين ولحسنين عقليين ، أو لقبحين عقليين ، وحينئذٍ كلما تأكد الحسن ، أو كلما تأكد القبح تأكد استحقاق المدح واستحقاق الذم لا محالة ، اذاً فحكم الشارع هنا وظيفته تأكيد الداعوية والمحركية ، فمتى ما تعلق غرض المولى بتأكيد الداعوية والمحركية لأجل شدة اهتمامه بالمطلب يجعل حكماً ، ومتى لم يتعلق غرضه بذلك ، وكان هذا المقدار الذاتي والتكويني من المحركية للقضية بوجودها الواقعي كافياً ومناسباً