يفرض في المرتبة السابقة حق الطاعة في خصوص المقطوعات من تكليفه ، أو ما يعم المظنونات او المشكوكات أو بأي نحو يتصور ، فمع فرض شمول الدائرة للمقطوعات يثبت حينئذٍ وجوب الجري على طبق التكليف المقطوع به بنفس سعة الدائرة وشمولها للمقطوعات في الرتبة السابقة بلا حاجة الى استئناف القول بعد ذلك والبحث في حجية القطع.
كما أنه بهذا البيان يعرف ايضاً ان مصير قاعدة قبح العقاب بلا بيان مرتبط بمقدار سعة تلك الدائرة لحق الطاعة في الرتبة السابقة ، فان فرض شمولها لغير المقطوعات من المظنونات مثلاً ، أو المظنونات والمحتملات كان حال غير القطع حال القطع ولم يبق مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ومنه يظهر ايضاً ان تلك المشكلة العويصة التي اشرنا اليها ليست إلا تخيل مشكلة ، لأن مرجع تنجيز الواقع بالامارات الظنية أو بالاحتمال في موارد جعل الاحكام الظاهرية الى سعة دائرة حق المولوية ، لا الى الحكومة بمجرد الجعل والاعتبار على القاعدتين المشهورتين ، ونحيل الكلام في تفصيل اصل المطلب الى ما سبق في اول الدورة ، ونحيل الكلام التفصيلي في هذه المشكلة العويصة التي وقعت في الفكر الاصولي المتعارف الى بحث الاحكام الواقعية والظاهرية ان شاء الله تعالى. هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.
الجهة الثانية : ومرجعها الى البحث الاثباتي في مدعى الاخباري بتقريبه الثاني ، وهو دعوى النهي السابق عن الخوض في المقدمات العقلية لاستنباط الاحكام الشرعية ، وتفصيل الكلام في ذلك ان ما يتصور كونه دليلاً للاخباري على هذا النهي ولو بدواً طوائف من الاخبار.
منها : ما دل على عدم جواز الحكم بغير ما انزل الله.
ومنها : ما دل عدم جواز الحكم والقول بلا هدى ، أو بلا علم ، أو بدون حجة.
ومنها : ما دل على عدم جواز الاستقلال عن الأئمة (ع) في مقام استنباط الاحكام الشرعية ، بدعوى ان الاكتفاء بالاستقلال العقلي في مقام استنباط الحكم