والثاني : في الفروع التي استدل الاخباريون بها على ان في الشريعة الاسلامية احكاماً ظاهرية أو واقعية تنافي العلم التفصيلي ، وهو معنى سلخ القطع عن الحجية.
التنبيه الأول
في قطع القطاع
وقع في عناوين مسائلهم ان قطع القطاع هل يكون حجة أو لا يكون حجة ، بعد الفراغ عن انه لا اشكال من حيث قطعه الموضوعي ، يعني لو فرض ان هناك حكماً شرعياً كان مترتباً على عنوان القطع ، بحيث كان القطع موضوعاً للحكم الشرعي ، لا طريقاً اليه لا اشكال في امكان شمول الموضوع لقطع القطاع ، ولا بد في شموله وعدم شموله من ان يرجع الى جعل الجاعل ، وملاحظة جعله.
وانما وقع الكلام في حجية القطع الطريقي من القطاع المعروف بين المحققين بحجية قطع القطاع ، باعتبار ان حجية القطع ذاتية له ، فيستحيل ان يكون هناك تخصيص في قاعدة حجية القطع. كل قطع حجة ذاتاً ، وهذا ايضاً قطع طريقي ، فتكون الحجية ذاتية ولازمة له حتماً.
والتحقيق في المقام : أن قطع القطاع بعد فرض حصوله حجة ، ولا يمكن للشارع الردع عنه بعد ذلك بلا اشكال ، والكلام فيه هو الكلام في القطع الناشئ من الدليل العقلي ، ويأتي فيه ما قربناه هناك من عدم امكان الردع عن العمل بالقطع وحتمية حجيته ، لكن بالبيان الذي نحن بيّناه ، لا بالبيان المشهوري.
نعم هنا بحث ، وهو انه هل يمكن للشارع الردع والنهي عن الخوض في المقدمات التي توجب سرعة حصول القطع أم لا؟ وهذا معنى آخر لحجية القطع ، وهو ان الشارع لم ينه عن الخوض في المقدمات المنتهية الى القطع.
كما عرفنا في البحث مع الاخباريين ان سلب الحجية عن القطع له معنيان : تارة ، يكون معناه النهي عنه بعد حصوله.
واخرى : يكون معناه النهي عن الخوض في مقدمات تحصيله.