الفرع الثاني : ان نفرض ان مخالفة التكليف ليست من ناحية عدم كونه مقدوراً حال المخالفة ، كما في الفرع الأول ، بل من ناحية عدم كونه واصلاً حال المخالفة ، إلّا أن عدم وصوله كان باختيار المكلف بمعنى ان التكليف كان واصلاً اليه ، وكان يعلم به إلا أنه عمل بنفسه عملاً بحيث سلب عن نفسه هذا القطع ، وجعله غير واصل ، فحينئذٍ أجرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان وسائر الاصول المؤمنة وارتكب هذا الفعل بحسب الخارج.
كما اذا فرضنا انساناً يعلم بأن هذا خمر ، ويدري بانه اذا شرب هذا المائع ، ونفرضه السكنجبين ، يزول عنه هذا العلم والقطع ، ويتبدل تكويناً الى العلم بعدم خمريته ، او إلى الشك في خمريته ، ويصدر عنه شرب الخمر بعد ذلك لكن يصدر عنه حال عدم وصول التكليف ، فيقع البحث في أن اخراج المكلف التكليف عن الوصول الى اللاوصول هل هو على حد اخراجه من القدرة الى اللاقدرة؟ هذا هو الفرض الجديد.
فان قيل : بأن من حق المولى في المقام عدم تفويت غرضه ، ولو من ناحية ابقاء التكليف تحت دائرة حق المولوية ، يعني ان التكليف اذا كان داخلاً في دائرة حق المولوية يحرم على المكلف عقلاً تفويته ، ولو بهذا المقدار من التفويت ، وهو اخراجه عن هذه الدائرة ، لو قيل بهذا فحينئذٍ في المقام يجب على هذا الشخص معالجة غفلته ، لان هذا الشخص قبل أن يمارس عملياته القطعية وقبل ان يمارس غفلته يوجد عنده تكاليف معلومة بالاجمال داخلة في دائرة حق المولوية ، ويدري انه لو ابقى الغفلة على حالها فسوف يخرج هذه التكاليف عن دائرة حق المولوية ، فاذا قلنا بان المكلف يحرم عليه حتى هذه الحصة من التفويت الناشئة عن اخراج التكليف عن دائرة حق المولوية ، اذا قلنا بحرمة ذلك عليه ، فحينئذٍ يقال في المقام بوجوب العلاج ، وإلا فلا. هذا تمام الكلام في قطع القطاع.