مدعيين أقام كل منها البينة ، وتعارضت البينتان ، ولم يكن هناك مرجح لاحدى البينتين على الأخرى ، فالامام (ع) يحكم بالتنصيف بينهما ، وظاهر الحكم انه حكم بالتنصيف بعنوان انشاء فصل الخصومة ، فيكون هذا جعلاً للحجية لهذه القاعدة بعنوان فصل الخصومة.
والاستدلال بهذا الدليل يتوقف على نكتة ، وهي ان نرى ان هذه الحجية المجعولة لهذه القاعدة هل تختص بخصوص مورد تعارض البينتين؟ أو انها تعم سائر الموارد التي لا تكون هناك حجة فاصلة للخصومة في مرتبة اسبق؟ مقتضى الجمود على اللفظ هو الاقتصار على خصوص مورده ، وهو مورد تعارض البينتين ، فكأن وجود بينتين متعارضتين له دخل في مقام جعل الحجية لقاعدة العدل والانصاف ، هذا مقتضى الجمود على اللفظ.
وأما مقتضى الفهم العرفي فهو أن فرض تعارض البينتين استطرق الى جعل الحجية لقاعدة العدل والانصاف ، ولا يفهم العرف ان التعارض بما هو تعارض له دخل في جعل قاعدة العدل والانصاف ، وانما يفهم ان التعارض دخيل في قاعدة العدل والانصاف بما انه بحكم عدم البينة ، فكأن المقصود بيان ان قاعدة العدل والانصاف فاصلة للخصومة في طول البينة في فرض عدم امكان فصل الخصومة بالبينة ، فتفصل حينئذ الخصومة بين المدعين بقاعدة العدل والانصاف ، فمع استظهار ذلك تلغى خصوصية التعارض ، ويستفاد من مثل هذا النص كون قاعدة العدل والانصاف حجة في مورد الخصومة على وجه الاطلاق ولا بأس بذلك ، هذا اذا اريد من الحجية في موارد المرافعة والمخاصمة.
وأما اذا أريد الحجية في نفسها وفي مقام ترتيب آثار الواقع فهنا صورتان :
الصورة الأولى : ان نفرض ان هناك شخصاً ثالثاً غير اللذين دار المال بينهما ، ذلك الشخص الآخر المسكين مكلف بايصال هذا المال الى مالكه ، ومالكه مردد بين هذين الشخصين ، فيتكلم في ان هذا الشخص الثالث ما هو تكليفه؟ هل يجري في حقه قاعدة العدل والانصاف ، فيكون تكليفه تنصيف المال نصفين باعطاء احد