الوجه الثاني : ان يقال بان الشق الاول مساوق للترخيص الواقعي ، يعني لو قيل بالترخيص وبجواز اعطاء غير المالك مال المالك فهو جواز واقعي لا جواز ظاهري ، لأنه جواز مع العلم وجداناً بخلافه ، فهو جواز واقعي ، وإذا صار جوازاً واقعياً فلا بد من الالتزام بتقييد اطلاق الحرمة الواقعية (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه) بخلافه على الشق الثاني ؛ فانه على الشق الثاني يكون الجواز جوازاً ظاهرياً ، جواز اعطاء تمام الدرهم لمن يحتمل كونه مالكاً ، ولمن يشك في كونه مالكاً هذا جواز ظاهري لأنه يحتمل مطابقته للواقع ، وحيث انه يحتمل مطابقته للواقع ، فيكون حكماً ظاهرياً ، فيبقى اطلاق ادلة الحرمة على حاله.
فاذا تبيّنت هذه النقطة واتضح ان الجواز في الشق الأول جواز واقعي ، بحيث يقيد اطلاق الواقع ، والجواز في الشق الثاني جواز ظاهري بحيث يبقى اطلاق الواقع على حاله ، يقال : ان اطلاق دليل الحكم الواقعي يعين الشق الثاني في قبال الشق الأول.
هذا الكلام صحيح في نفسه يعني الترخيص في الشق الأول ترخيص واقعي ، والترخيص في الشق الثاني ترخيص ظاهري فلو فرض ان الأمر كان دائراً بين الشقين يتعين بمقتضى اطلاق دليل الحكم الواقعي الشق الثاني في قبال الشق الأول ، إلا أننا لا بد أن نرى هل ان هناك سيرة عقلائية في قبال هذا الاطلاق بحيث تكون حجة على تعيين الشق الاول في قبال الشق الثاني ، أو لا تكون هناك سيرة عقلائية؟
والصحيح عدم وجود مثل هذه السيرة ولا أقل من الشك في مثل هذه السيرة ، فان القدر المتيقن والمعلوم من السيرة انما هو السيرة في المحاكم العقلائية ، أي السيرة في موارد المرافعة والمخاصمة ، لا السيرة في مقام ترتيب الآثار خارجاً ، يعني لو ان شخصين تداعيا في مال ، وذهبا الى محكمة عقلائية فقد يقال بانا نطمئن ان هذا الحاكم العقلائي المعاصر للأئمة ، عليهمالسلام ، كان يحكم بالتنصيف في المقام.
هذا ، ولكن قد يدعى انه لا حاجة لنا باثباته نفياً وإثباتاً ، لاننا قلنا ان قاعدة