الحجية له ، وأن الشك له خصوصية مانعة عن جعل الحجية له ؛ وهي ان الشك جهل محض فيستحيل ان يجعل حجة بخلاف القطع والظن فان لهما كاشفية ومرآتية عن الواقع إما تاما وإما ناقصا (١).
ولكنه غير صحيح ؛ فانه إن اريد من الشك الترديد وكلا الاحتمالين على نحو المجموع فامتناع جعله حجة مسلّم ، لكن هذا ليس استيعابا للاقسام ، فانه لم يذكر حكم أحد الاحتمالين ، مضافا الى أن ارادة مجموع الاحتمالين من الشك خلاف سياق كلام الشيخ حيث جعله في سياق الظن والقطع ، وكل منهما عبارة عن طرف واحد ، اذ لا يعقل الظن أو القطع بكلا الطرفين.
وإن أريد منه أحد الاحتمالين فجعل حجيته بمكان من الامكان ، فان الاحتمال ايضا له كشف ناقص غاية الامر انه معارض بكشف مثله ، ومن الممكن ان يرى المولى مثلا ان احتمال ثبوت التكليف أغلب مصادفة من احتمال عدمه فيجعله حجة.
التحقيق حول تقسيم الشيخ الانصاري :
تارة يفرض أن مقصود الشيخ (ره) من هذا التقسيم بيان أقسام مباحث الكتاب ، وأخرى يفرض أن مقصوده بيان أقسام موضوع الوظائف العملية.
أما على الأول : فيمكن حمل الشك في كلامه على ما يعم الظن غير المعتبر من دون أن يرد عليه اشكال التداخل ، لأن الظن والشك وإن كانا قد يتصادقان في مورد واحد لكنهما لا يتداخلان من حيث العنوان ، فالظن يبحث عنه في باب الظن من جهة ، وفي باب الشك من جهة أخرى ، ففي باب الظن يبحث عنه من جهة انه هل هو معتبر ، أو لا؟ وفي باب الشك يبحث عن أنه بعد فرض عدم اعتباره ما هو الاصل الجاري في المقام؟ لكن لا يخفى ان هذا الفرض لا يناسب ما في كلام الشيخ من الترديد ب ـ «أو» حيث انه يقول : «إما أن يحصل له القطع أو الظن أو
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٢.