العدل والانصاف في حجيتها في مقام فصل الخصومة لا تحتاج الى السيرة العقلائية ، بل نثبت حجيتها في مقام فصل الخصومة بالنص السابق ، فلا حاجة الى السيرة العقلائية ، فالسيرة العقلائية انما نسلمها في موارد فصل الخصومة أي في المحاكم العقلائية ، وأما في غير المحاكم العقلائية ، في سيرة كل عاقل في نفسه لو انه استودع مالاً وكان يجب عليه عقلائياً ايصال المال الى مالكه كان اميناً ودعياً ، فهل هنا ايضاً يحكم بمقتضى عقلائيته ، أو يحكم عليه من قبل العقلاء بأن ينصف المال ، ويعطي هذا نصفاً ويعطي الآخر نصفاً ، فمثل هذه السيرة ان لم تكن معلومة العدم في غير موارد المخاصمة والمرافعة فهي غير ثابتة يعني غير معلومة الثبوت ، بل اننا نقول اكثر من هذا : ان السيرة العقلائية والارتكاز العقلائي ليس على الزام هذا الشخص الثالث الودعي بايصال المال الى مالكه بذلك المعنى الذي صار منشأ للاشكال وترتب عليه دوران الأمر بين الشقين.
الارتكاز العقلائي لا يساعد على ان هذا الودعي الذي لا يدري ان هذا الدرهم ملك زيد أو ملك عمرو يجب عليه ان يوصله الى واقع المالك بل ان مقدار ما يجب عليه هو تمكين المالك الواقعي منه.
وأما الوجه الثاني فالوجه فيه انه باختلاط الدراهم الثلاثة حصلت الشركة الظاهرية ، بناءً على ما ذهب اليه صاحب الجواهر (قده) من ان الاختلاط سبب للشركة الظاهرية بين المالكين أو الملاك ، واصبحت هناك دراهم ثلاثة مشتركة على نسبة واحد من ثلاثة ، بمعنى ان لصاحب الدرهمين ثلثين من كل واحد من الدراهم الثلاثة ، ولصاحب الدرهم ثلث في كل واحد من الثلاثة ، فاذا فقد واحد من هذه الدراهم الثلاثة فحينئذٍ فقد من صاحب الدرهم ثلث درهم ومن صاحب الدرهمين ثلث درهم ، فيعطى لصاحب الدرهمين درهم وثلث ، ولصاحب الدرهم ثلثا درهم (١).
والتحقيق في المقام : إن الشركة الظاهرية بمجرد الاختلاط أمر غير معقول ،
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٦ ، ص ٢٩١.