الكأسان في حب من الماء ، فالعرف بحسب ارتكازاته في باب الملكية يعتبر هذا المجموع من الماء ماء واحداً من حيث جعل الملكية ، يعني لا يرى صلاحية ان يتعدد ويتبعض من حيث جعل الملكية ، فيجعل نصف المعين منه لزيد ونصف معين منه لعمرو ، وهذا هو نكتة الشركة في باب الاختلاط والامتزاج ، ومن المعلوم انه لو اختلط درهم مع درهم لا يتوحّد المال بحيث يأبى العرف بارتكازه عن جعل الملكية للنصف المعين لزيد وللنصف الآخر منه لعمرو ، وانما يحصل هذا في بعض موارد الاختلاط والامتزاج.
وبناءً على هذا المشرب لا يأتي الاشكال ، لأننا نقول : ان ما هو سبب مستقل في نفسه للشركة الواقعية هو مرتبة خاصة من الاختلاط والامتزاج ، لا الاختلاط على اطلاقه ، وما هو دخيل في مقام انفاذ عقد الشركة هو الاختلاط والامتزاج ولو بأدنى مرتبة ، إذاً فلا يلزم من هذا لغوية العقد ، وعدم كونه مؤثراً ، بل يكون مؤثراً فيما لو فرض انه حصل الاختلاط بأدنى مراتبه ، فانه هنا لا تحصل الشركة إلا بالعقد. وبنفس هذا البيان الذي اندفع به الاشكال يظهر عدم صحة الشركة في المقام ، لأنه في هذا الفرع الذي نتكلم فيه لم يحصل اختلاط بتلك المرتبة التي توحد المال في مقام جعل الملكية بحسب الارتكاز العرفي ، فلا موجب للشركة لا واقعاً ولا ظاهراً.
أما الشركة الظاهرية فلانها غير معقولة في المقام ، واما الشركة الواقعية فلا دليل عليها إلا ارتكاز التوحد في نظر العرف ، وارتكاز التوحد في نظر العرف لا يثبت في تمام موارد الاختلاط والامتزاج ، وانما يثبت في موارد الاختلاط في مرتبة خاصة ، وهذه المرتبة الخاصة غير موجودة في المقام. هذا تمام الكلام في تحقيق الوجه الثاني.
وأما الوجه الثالث ، وهو ان يعطي احد الدرهمين لصاحب الدرهمين ، والدرهم الآخر نقرع بينهما لأجله. فأي من الشخصين خرج اسمه في القرعة حكم بمالكيته له ، أي للدرهم الثاني ، فيعطى حينئذٍ بتمامه لهذا ، أو بتمامه للآخر ، لا ينصف ، ولا يثلث ، فهذا الوجه ظهر حاله مما بيناه في الوجه الأول.