توضيح ذلك : ان موارد عدم التسليط المجاني على قسمين : تارة يكون في مورد المعاوضة البيعية ، وهذا هو الذي يسمى بضمان المعاوضة ، ويكون مضموناً حينئذٍ بالمسمى ، يعني بالثمن المذكور في تلك المعاملة ، ودليل هذا الضمان دليل امضاء تلك المعاملة وصحته.
واخرى يكون عدم التسليط المجاني في مورد لا يكون هناك ضمان معاوضي لعدم المعاوضة ، فيكون مضموناً حينئذٍ بضمان الغرامة ، يعني بضمان اليد ، فيكون مضموناً بالمثل اذا كان مثلياً أو بالقيمة اذا كان قيمياً ، فهناك ضمانا ؛ ضمان المعاوضة ، وضمان اليد.
ويمكننا ان ننتزع عنواناً جامعاً بين هذين الضمانين ، ونقول : انه في جميع موارد عدم التسليط المجاني يكون المال مضموناً اذا وقع تحت يد شخص ، وهذا ليس حكماً شرعياً مجعولاً بدليل شرعي على موضوع ، حتى يقال : اننا باستصحاب عدم التسليط المجاني ننقح موضوع هذا الحكم شرعاً.
بل هنا حكمان ضمانيان ؛ ضمان المعاوضة ، وضمان الغرامة ، وضمان المعاوضة مترتب على وقوع المعاملة بحسب الخارج ، ومجرد عدم التسليط المجاني لا يكفي في ثبوت هذا الضمان الا بالملازمة العقلية.
وضمان الغرامة غير محتملة في المقام ، فان الامر دائر بين التسليط المجاني وبين ضمان المعاوضة ، اذاً فتقريب استصحاب عدم وقوع الهبة بدعوى ان هذا الاستصحاب ينقح موضوع الضمان تقريب صوري ؛ لأن الضمان هنا عنوان انتزاعي من ضمانين مجعولين على موضوعين ، احد الموضوعين معلوم العدم في المقام ، وهو ضمان الغرامة ، والموضوع الآخر وهو ضمان المعاوضة لا يمكن اثباته باستصحاب عدم وقوع الهبة إلا بالملازمة العقلية ، اذاً فاستصحاب عدم الهبة هنا ليس له اثر شرعي حتى يعارض به استصحاب عدم وقوع البيع.
فلهذا اتضح ان تمام جهات الزام الاول للثاني منفية بالأصل ، وجهة الزام الثاني للأول على طبق الاصل بناءً على المشهور في باب جعل الخيار ، فحينئذٍ