أقول : إن تأثير تأخر احتمال الامر عن نفس الامر رتبة في اختصاص الحسن بالانبعاث عن نفس الامر مع الامكان دعوى لا برهان عليها. نعم قد يدعي المحقق النائيني (قدسسره) وجدانيتها ، وهي ليست الا كدعوى حكم العقل والوجدان بعدم حسن الامتثال الاجمالي مع التمكن من الامتثال التفصيلي ، وليس في ضم هذه الدعوى الى عدم حسن الامتثال الاجمالي مع التمكن من التفصيلي اثر في المقام.
ثم اننا لم نعرف لما ذا يفترض ان الانبعاث في الامتثال التفصيلي انبعاث عن نفس الامر الذي هو مقدم رتبة على احتماله ، بينما الامر بوجوده الواقعي لا يكون محركاً ، انما المحرك هو ما في نفس المكلف من العلم بالامر او احتماله ، والعلم بالامر حاله حال احتمال الامر ، ولا يتوهم أي تقدم رتبي له على الاحتمال.
وعلى اي حال فما مضى من التقريب كان مستفاداً من صدر كلام المحقق النائيني (قده) ، ولكنه جاء في ذيل كلامه ما يناقض هذا المعنى ، حيث ذكر انه لو تنزلنا عن القطع بعدم حسن الامتثال الاجمالي عند التمكن من الامتثال التفصيلي ، وشككنا في ذلك ، دخل المورد في مسألة دوران الامر بين التعيين والتخيير ، والاصل في تلك المسألة يقتضي التعيين ، وهذا الذيل كما ترى يناسب افتراض كون الامتثال التفصيلي على تقدير وجوبه واجباً في نفسه لا محققاً لعنوان آخر واجب ، وهو قصد الطاعة بشكل حسن ، أو حسن الانبعاث ، وإلا فلا علاقة لذلك ببحث البراءة والاشتغال في دوران الامر بن التعيين والتخيير ، بل يدخل في مسألة القطع بشغل الذمة والشك في الفراغ ، والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
وعلى أي حال فلو سلمنا دخول المسألة في باب البراءة والاشتغال فبغض النظر عن النقاش في مبنى اصالة التعيين ، وان الصحيح عند الدوران بين التعيين والتخيير هو اصالة التخيير ، ننكر رجوع الامر في المقام الى باب التعيين والتخيير ، بل الامر دائر بين الاقل والاكثر الارتباطيين ، فإننا نعلم بوجوب الاتيان بمتعلق الامر بقصد القربة بالمعنى الذي سيأتي ان شاء الله ، ونشك في وجوب امر زائد وهو التحرك عن نفس الامر او العلم به وعدمه ، والاصل عند دوران الامر بن الاقل