الاشتغال.
وأما أصالة الاشتغال العقلية فأيضا انما تكون بملاك التحفظ على مطلوب المولى عند سقوط الأصول المؤمّنة ، وليس هو إلا الواقع ، والحكم الظاهري طريق صرف غاية الأمر أن قيام الحكم الظاهري قد يكون هو الموجب لسقوط الاصول المؤمّنة ؛ وذلك كما لو قامت البيّنة على نجاسة أحد شيئين فإنها توجب الاحتياط من كل واحد منهما مع أنه مشكوك لمكان العلم الاجمالي ، فان ذلك ليس لأن قيام البيّنة صار بما هو موضوعا لوجوب الاحتياط ، بل لأن قيام البيّنة أسقط أسقط الأصول المؤمّنة وبقي احتمال الواقع بلا معذر فوجب الاحتياط فيه عقلا.
وأما البراءة الشرعية فسيأتي أنها في الحقيقة رفع لايجاب الاحتياط الشرعي وعلى هذا فموضوعها عين موضوعه.
وأما البراءة العقلية فهي عبارة عن قبح العقاب بلا بيان والعقاب انما هو بلحاظ الواقع لا بلحاظ الحكم الظاهري الذي هو طريق محض ، وان شئت قلت : في باب البراءة ـ شرعية أو عقلية ـ انها لو جرت بلحاظ الحكم الظاهري فان لم تجر البراءة ايضاً بلحاظ الحكم الواقعي وبقي احتمال العقاب بلحاظه ثابتا لم تكن فائدة في البراءة الجارية بلحاظ الحكم الظاهري ، وإن جرت بلحاظ الحكم الواقعي وصرنا آمنين من عقابه فلا حاجة الى اجراء البراءة بلحاظ الحكم الظاهري لعدم العقاب فيه.
وأما الامارات والاصول التنزيلية فكون الشك في الحكم الظاهري موضوعا لحكمها فهو بمكان من الامكان ، وذلك كما لو دل الاستصحاب على بقاء حجية الخبر الواحد أو دل الكتاب على حجيته مثلا ، لكن هذا منجز للواقع رأسا لا أنه منجز لذلك الحكم الظاهري ابتداء ثم يسري التنجيز منه الى الواقع.
وكذا لو فرضنا أنه ثبت حجية خبر الواحد القائم على وجوب صلاة الجمعة بالكتاب أو الاستصحاب ، وفي الواقع لم يكن خبر الواحد حجة ، وكانت صلاة الجمعة واجبة ، وخالف المكلف ما ثبت له من وجوب صلاة الجمعة بحكم دليل