التعبدي ايضا ، ام لا؟ اختار المحقق النائيني (قدسسره) الطولية هنا ايضا.
وتحقيق الكلام في ذلك ان الامر يختلف باختلاف مباني المنع عن الامتثال الاجمالي المتقدمة ، فعلى المبنى الاول الذي اختاره المحقق النائيني (قدسسره) يختلف الحال باختلاف تقريرات بحثه ، فان اقتصر فيه على ما جاء في تقريرات الشيخ الكاظمي (قدسسره) من دعوى ان الامتثال الاجمالي لا حسن فيه مع التمكن من الامتثال التفصيلي (١) أمكن اجراء هذه الدعوى في المقام ايضا ، فان هذا الكلام ليس كلاما برهانيا ، وانما هي دعوى وجدانية ، امر تمديدها وتقصيرها بيد صاحب الوجدان المدعي.
وان استدل على ذلك بما في اجود التقريرات من ان التحرك عن احتمال الامر متأخر رتبة عن التحرك عن نفس الامر ، لان احتمال الامر متأخر رتبة عن الأمر (٢) ، فهذا الكلام لا يأتي فيما نحن فيه ، اذ لو سلم ان التحرك في الامتثال التفصيلي الوجداني يكون عن نفس الامر ، وغض النظر عما مر من ان التحرك فيه تحرك عن العلم بالأمر الذي هو في طول الامر ايضا كالاحتمال فمن الواضح فيما نحن فيه ان التحرك يكون عن احتمال الامر. فلو علم اجمالا مثلا بوجوب الظهر او الجمعة ، وقامت امارة تعبدية على وجوب الظهر ، فصلى الظهر ، كان تحركه ناشئا عن انطباق المعلوم بالاجمال واقعا على الظهر ، ولو فرض ان دليل حجية الامارة يجعل العلم والطريقية اعتبارا فان العلم الاعتباري لو كان له اثر فاثره انما هو جعل هذا الاحتمال منجزا لا كونه بالمباشرة موجبا للتحرك كالعلم الحقيقي ، ولذا لو جعل شيء علما اعتبارا أو تشريعا ، وكان العبد يقطع بمخالفة ذلك للواقع لم يتحرك نحو اثر المعلوم قطعا.
وهذا الكلام الذي ذكرناه انما هو مشي على مباني المحقق النائيني (قده). اما نحن فنقول على ما سيظهر مفصلا ان شاء الله : ان هذا الاحتمال كان منجزا بواسطة
__________________
(١) فوائد الأصول ، ج ٣ ، ص ٧٣.
(٢) أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٤٤.