على هذا الدليل على الفرض ، وهذا الدليل انما يتم لو كان هناك مولى واجب الطاعة حتى تكون مخالفته قبحا وظلما ، وهذا دور واضح.
وان كان المراد الاستدلال بهذا لحجية القطع بعد الفراغ عن مولوية المولى ، فبعد الاقرار بان هناك مولى واجب الطاعة والاقرار بثبوت الحجية المنطقية للقطع وهو جواز الاعتماد عليه في مقام اقتناص الواقع لا نحتاج الى دليل لاثبات حجيته بمفهومه الاصولي وهو كونه منجزا للواقع ومعذرا له بل نفس هذا المعنى كاف في حجيته وهو ثبوت مولوية المولى وجواز الاعتماد على القطع في اقتناص الواقع ، لأن مولوية المولى تقتضي وجوب إطاعة أوامره ونواهيه وحرمة مخالفتهما ، فإذا انكشف الواقع وهو امر المولى أو نهيه بالقطع ، وقلنا بجواز اقتناص الواقع بالقطع لا نحتاج الى دليل يدل على حجية القطع بمعنى المنجزية والمعذرية ، بل كبرى مولوية المولى ووجوب اطاعته مع انضمام صغرى كون القطع كاشفا تاما عن الواقع يكفي في حجية القطع.
الجهة الثانية : في حجية القطع للجعل
ثم انه تبين مما ذكرناه ان حجية القطع ليست قابلة للجعل ؛ وذلك لأنا بعد ما فرضنا ان القطع كاشف تام عن الواقع ، ويجوز اقتناص الواقع به ، وفرغنا عن مولوية المولى ووجوب اطاعته فنفس هذا هو حجية القطع بلا حاجة الى الجعل للحجية له ، وهذا هو الجهة الثانية التي يبحث عنها في القطع.
الجهة الثالثة : في منع الشارع عن العمل بالقطع
هل يمكن للشارع المنع عن العمل بالقطع والردع عنه أم لا؟ وهذا بحث مهم ، واستدل لعدم الامكان بوجوه ثلاثة :
الأول : انه يلزم من النهي عن العمل بالقطع اجتماع الضدين في الواقع على تقدير مصادفة القطع له ، وبنظر المكلف على تقدير المخالفة ، وكلاهما محال.
الثاني : أنه يلزم من النهي عن العمل بالقطع مخالفة النهي لحكم العقل