وذلك لأنه إن كان المراد المصادف الخمر للواقع لا بد من تضمين الاصابة للواقع في المتعلق بأن يقال : «لا تشرب الخمر ان صادف الواقع» والاصابة وعدم الاصابة للواقع ليس اختياريا للمكلف وإلا لما أخطأ انسان في الدنيا ، فلا يمكن تعلق التكليف به. فهذه القرينة العقلية توجب صرف الكلام عن هذا الظهور ، وكون المراد من «لا تشرب الخمر» لا تشرب معلوم الخمرية ، فاذا كان المراد لا تشرب معلوم الخمرية يشمل المقام أيضاً.
هذا هو التقريب الصحيح لهذا الاستدلال ، وهذا التقريب أسد وأخصر مما أفاده المحقق النائيني على ما في أجود التقريرات من تقريرات بحثه ، فانه اطال الكلام في المقام بمقدار صفحتين (١) ، وما أفاده في هاتين الصفحتين يرجع الى مقدمات ثلاث كلها غير تامة ، وهي :
المقدمة الأولى : ان الموضوع في الحكم يكون مفروض الوجود ، فان الاحكام مجعولة على نحو القضايا الحقيقية والقضايا الحقيقية تكون أفراد الموضوع فيها مقدرة الوجود. وهذه المقدمة لا ربط لها بالاستدلال اصلاً.
المقدمة الثانية : ان الباعث والمحرك للمكلف نحو الفعل هو العلم به ووجوده العلمي لا الفعل بوجوده الواقعي ، كما أن الانسان يفر من الأسد الذي يعلم به لا من الأسد بوجوده الواقعي.
ثم اعترض على هذه المقدمة وقال : ان المحرك وان كان العلم بوجود الشيء إلا أن العلم مرآة للمعلوم وكاشف عنه ، ففي الحقيقة يكون متعلق التكليف هو المعلوم دون العلم ، فلو كان متعلق التكليف هو العلم لكان الدليل شاملا للمقام إلا أنه ليس كذلك.
والجواب عما أفاده : أن ما ذكره (قده) مناقض لما أراده المستدل ، وذلك لان المستدل أراد توسعة المعلوم وتعميمه لما يكون مخالفا للواقع ايضا وهو (قده) ذكر
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٢٣.