للواقع فيكون متجريا فيشمله الخطاب ، ولا محذور فيه.
وأما ما ذكره في الشق الثالث من أنه لو كان حرمة التجري بخطاب آخر يشمله والعاصي يلزم اجتماع المثلين في نظر المكلف إن كان كل من الحكمين مستقلا في التأثير والمحركية ، ويكون الثاني منهما لغوا ان كان مؤكدا للأول ولم يكن مستقلا في التاثير مع أنه يلزم الخلف من ذلك لأنا فرضنا وجود حكمين مستقلين ، فلو كان الثاني مؤكدا للأول يلزم منه عدم تعدد الحكمين وهذا خلف.
فقد أورد عليه السيد الاستاذ :
أولاً : بأنه يمكن فرض عدم وصول الحكم الأول الى المكلف القاطع ، بل ما وصل هو الحكم الثاني فقط ، فلا يكون حينئذ اجتماعا للمثلين حتى في نظره.
وثانيا : بأنه لو فرضنا بان المقام من قبيل العموم والخصوص المطلق فلا محذور في اجتماع الحكمين فيه ، بل يلتزم بالتأكد في مورد الاجتماع كما اذا نذر أن يأتي بالصلاة فان النسبة بين أدلة الوفاء بالنذر وأدلة وجوب الصلاة عموم مطلق ، فان النذر المتعلق بالصلاة واجب الوفاء مثلا ، ولكن الصلاة واجبة سواء نذر أم لا (١).
ولكن ما ذكره السيد الاستاذ غير تام ؛ أما ما ذكره أولا فمن ناحية أن المقام من قبيل العامين من وجه ولو في نظر القاطع ، فان القاطع وان لم يحتمل مخالفة قطعه للواقع الا انه يدري أن قطع غيره من القطاع قد يكون موفقا للواقع وقد يكون مخالفا له فيكون متعلق التكليفين عموما من وجه في نظره ولو بالنسبة الى قطع غيره لا قطع نفسه ، وهذا كاف في عدم اجتماع المثلين لوجود مورد الافتراق ، والالتزام بالتأكد في مورد الاجتماع من دون لزوم محذور اللغوية.
وأما ما ذكره ثانياً فمن جهة أن النسبة بين وجوب الوفاء بالنذر ووجوب الصلاة عموم من وجه لا عموم مطلق ، ان دليل وجوب الوفاء بنذر الصلاة الواجبية لا يكون دليلا خاصا به ، بل هو من الأدلة العامة لوجوب الوفاء بالنذر ، فدليل وجوب
__________________
(١) مصباح الأوصل ، ج ٢ ، ص ٤٥.