عين هذا الكلام يتأتى في سلسلة العلل فنقول في حق من ادرك ان التشريع ظلم للمولى : ان هذا الظلم قبيح ، وارتكاب القبيح موجب لاستحقاق الذم ، وذم كل شخص بحسبه ، وذم المولى عقابه ، فإن كان هذا كافيا في ارتداعه عن هذا العمل فهو ، وإلا فتحريم المولى له ايضا لا يؤثر في ارتداعه.
فالحاصل ان الملاك في قبح الاشياء القبيحة على ما هو المفروض هو امر واحد وهو الظلم ، ويتحصل ان هذا الملاك الواحد لا يقبل الشدة والضعف ، فيكون جعل الحكم على طبق ما احرز من القبح لغواً ، بلا فرق بين كون ذلك القبيح ظلما للمولى بلحاظ حكم سابق له ، أو ظلما له بهذا اللحاظ.
نعم يمكن ان يقال في ظلم غير المولى بامكان استفادة الخطاب الشرعي على طبقه من قاعدة الملازمة ، فيقال : ان من ادرك قبح الغصب كان له اثبات حرمة الغصب شرعا ، وذلك لان الظلم في الغصب لو لا الحرمة الشرعية ليس إلا في حق من غصب ماله ، ومع فرض الحرمة الشرعية يتحقق الظلم في حق المولى ايضا ، فيدعى ان الظلم انما لا يقبل الاشتداد في حق شخص واحد ، ولكنه يشتد بكون الظلم الثابت ظلمين في حق شخصين.
هذا مضافا الى انه إن ادعي عدم قابلية الظلم للشدة والضعف ، ولو بهذا اللحاظ يبقى هنا شيء آخر ، وهو انه ربما لا يكون عنوان الظلم رادعا ، لكن تكون عنوان المبعدية عن المولى رادعة وهي في طول تحريم المولى ، وهذا بخلاف ما يكون قبحه من أول الأمر بلحاظ المولى ، كما يقال به في التشريع ، فانه في هذا الفرض تكون المبعدية ثابتة قبل تحريم المولى.
هذا كله بناء على مبناهم من التعويل على مسألة قبح الظلم ، واما بناء على ان قولنا : «الظلم قبيح» ، يكون ثابتا برأسه بملاك خاص ، لا أن قبح الجميع يرجع الى ملاك واحد وهو كونه ظلما وكون الظلم قبيحا ، فيمكن أن يتوهم تمامية الفرق بين سلسلة العلل وسلسلة المعلولات ؛ وذلك لأن قبح كل شيء يكون بملاك خاص فيحصل التأكد واختلاف المراتب ، وأما القبح الثابت في سلسلة المعلولات فليس