فمقتضى ما ذكره السيد الاستاذ في الوجه الثاني من الوجوه الدالة على حرمة التجري من أن الأمر الواقعي لو كان باعثا ومحركا للمكلف نحو العمل يكون الأمر والخطاب الثاني لغوا محضا وإن لم يكن باعثا ومحركا ولم يتحرك المكلف بتحريكه لا يتحرك بالتحريك الثاني ايضا ، فهذا الاشكال الذي ذكره هناك مع الغض عما أوردنا عليه يرد في المقام أيضا ؛ فان الأمر بأصل الصلاة يكون موجبا لوجوب البدار وتحريك العبد نحو الصلاة ببركة قاعدة الاشتغال ، فلو كان العبد متحركا من ناحية هذا الامر يكون الخطاب الثاني بوجوب البدار لغوا محضا ، ولو لم يتحرك من ناحية الامر الاول من جهة خبثه لا يكون متحركا من ناحية الأمر الثاني ايضا ، فلا يمكن جعل وجوب البدار مستقلا ، هذا ثبوتا.
وأما بحسب مقام الاثبات فما استدل به السيد الاستاذ لاثبات وجوب البدار في المقام من صحيحة الحلبي فهو غير ناظر الى الاتيان بأصل الصلاة سؤالا وجوبا ، بل هو ناظر الى كيفية الصلاة من التقديم والتأخير ، حيث يسأل السائل عن رجل التفت الى الصلاة عند الغروب ما ذا يصنع؟ قال (ع) : «ان كان في وقت لا يخاف فوت احداهما فليصل الظهر ثم يصل العصر ، وان هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته ، فيكون قد فاتتاه جميعاً» (١) فالظاهر من الرواية ان السائل فرغ عن أصل وجوب الاتيان بالصلاة ، وانما هو يسأل عن كيفيته خصوصاً بقرينة التعليق في ذيل الرواية ، فما ذكره السيد الاستاذ وغيره من وجوب البدار مستقلا غير تام ثبوتا وإثباتا ، هذا هو الفرع الأول.
وأما الفرع الثاني : وهو ما اذا خاف الضرر من السفر يكون سفره معصية ، ويجب عليه اتمام الصلاة ، فالشقوق فيه ثلاثة :
تارة يكون الضرر من الأمور اليسيرة كذهاب شيء قليل من المال ، ففيه لا يكون القطع بالضرر موجبا لحرمة السفر ، فضلا عن الظن به ، وذلك لعدم الدليل
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ٣ ، ص ٩٤ ، ح ١٨.