مطلق.
وأما الاشكال الذي ذكره السيد الاستاذ فلا يندفع بهذا ؛ لان العبد إن كان على نحو يرتدع بالخطاب الأول ولا ينقدح في نفسه ارادة شرب الخمر ، فالخطاب الثاني لغو. وان كان لا يرتدع ولا يتحرك بتحريك الخطاب الاول بل ينقدح في نفسه ارادة شرب الخمر ، فلا يرتدع بالخطاب الثاني ايضا ، ولا يتحرك عن تحريكه.
إذا تبين ذلك فهنا بحثان : بحث في دلالة هذه الاخبار على حرمة التجري ، وبحث آخر في الجمع بين هاتين الطائفتين من الاخبار ، وهما ما دل على ان الانسان يعاقب على قصد السوء وان لم يفعله ، وما دل على عدم العقاب على القصد المجرد وانه لا يحاسب عليه.
أما البحث الأول : فالاخبار الدالة على ان الانسان يعاقب بقصد السوء ويحاسب عليه لا تدل على حرمة قصد السوء مولوياً ، بل تدل على ان الانسان يعاقب عليه ويحاسب ، وهذا التعبير لا يدل على الحرمة المولوية في المقام الذي استقل العقل بقبح التجري فيه واستحقاق العقاب عليه ، بل يكون الاخبار ارشاداً الى ما استقل به العقل من استحقاق العقاب على التجري.
نعم في مورد حلق اللحية مثلا لو وردت روايات تدل على استحقاق العقاب يستكشف منها الحرمة شرعا ، إذ لا وجه للعقاب إلا حرمته شرعا ، وأما في امثال المقام فلا.
وما جعله السيد الاستاذ شاهداً للجمع بين الطائفتين من الاخبار وهو النبوي المشهور القائل : «اذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول كلاهما في النار ، قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال (ص) : لأنه أراد قتل صاحبه» (١) لا يدل على حرمة التجري ايضا ؛ وذلك لأن قتال المسلم للمسلم من المحرمات الواقعية ، فإذا كان سب المسلم للمسلم حراما فكيف لا تكون مقاتلته حراماً ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١ ، باب د من أبواب مقدمات العبادات.