مدركات العقل ، وإلا فلو كانا من مدركات العقل لا يتم الانحصار ، وحينئذٍ فلو كان عدم كونهما من مدركات العقل ثابتا بالانحصار كما أفيد لزم منه الدور كما لا يخفى.
وأما الكلام مع المحقق النائيني (ره) الذي يعترف بأصل قبح الفعل المتجرّى به ، ولكنه يدعي انه قبح فاعلي وليس فعلياً ، فقد ذكر في تقريرات الكاظمي ان الفعل المتجرّى به في نفسه ليس فيه أي قبح اصلا وإنما صدوره من الفاعل يكون قبيحا.
أقول : ان كان المراد من الصدور ـ الذي هو محكوم بالقبح في كلامه ـ العنوان الثانوي للفعل المتجرى به ، فيكون المقصود ان الفعل المتجرّى به ليس بعنوانه الأولي قبيحا بل هو بعنوانه الثانوي ، وهو عنوان صدوره من الفاعل قبيح ، فنحن ايضا لا نقول بقبح الفعل المتجرّى به بعنوانه الأولي ، لكن تسمية القبح بالقبح الفاعلي لا معنى له بل نفس الفعل يكون قبيحا.
وان كان المراد من الصدور نسبة خارجية حقيقية بين الفاعل والفعل ، تلك النسبة متصفة بالقبح ، فقد مرّ انه ليس هناك نسبة خارجية بين الفعل والفاعل. نعم ، في عالم الذهن تحصل نسبة ذهنية بين الفعل والفاعل حينما يضاف الفعل الى الفاعل ، فيقال : «ضرب زيد» ، إلا أن هذه النسبة لا خارج لها إذا لا يوجد في الخارج غير زيد ، والضرب الصادر منه يكون هو صدور الضرب من زيد. هذا ما ذكره الكاظمي في تقريراته.
وقد ذكر في أجود التقريرات في تفسير القبح الفاعلي انه عبارة عن كشف الفعل عن سوء سريرة العبد وهذا الكلام يناسب انكار قبح التجري رأسا كما صدر من الشيخ الاعظم (قده).
استدل صاحب الكفاية (قده) لعدم كون الفعل المتجرّى به قبيحا عقلا بوجوه اربعة ، ثلاثة منها برهانية ، وواحد منها وجداني.
الوجه الأول : إن ما يتصف بالحسن والقبح لا بد ان يكون فعلا اختيارياً