وأما كلام المحقق الخراساني فلأنه أولا : يكفي في اختيارية الفعل الالتفات اليه بنحو الاجمال مع كون مقدوراً للمكلف ، ولا يحتاج الى ازيد من ذلك.
وثانيا : أن الفعل المتجرّى به لا يكون قبيحاً بعنوان كونه مقطوع الخمرية ، بل يكون قبيحاً بعنوان كونه معلوم الحرمة ، اذ الملازمة إنما هي بين معلوم الحرمة والقبح لا بين مقطوع الخمرية والقبح.
الوجه الثالث : انه لا يوجد في مورد التجري فعل اختياري أصلا ليتصف بالحسن أو القبح ، وذلك لأن شرب الخمر الذي هو مقصود للمتجري لم يقع في الخارج ، وشرب الخل الذي وقع في الخارج غير مقصود ولم تتعلق به الارادة ، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، هذا الوجه ذكره في حاشيته على الرسائل وعلى الكفاية (١).
واعترض على نفسه بأن شرب الخل وإن لم يكن مقصوداً بعنوانه الخاص الا انه مقصود بعنوان الجامع ، وفرض جامعين ؛ احدهما : عنوان المائع ، والثاني : عنوان التجري بمعناه العام الشامل للمعصية ، ويمكن فرض جامع آخر وهو عنوان مقطوع الخمرية الشامل لمورد المعصية والتجري ، فشرب مقطوع الخمرية يوجب قصد الجامع حيث ان الجامع موجود في ضمن المقصود والمتحقق فهو مقصود ومتحقق ، اما انه مقصود فلأن قصد الفرد يستدعي قصد الجامع ، وأما انه متحقق فلأن الكلي يوجد بوجود فرده ؛ فالجامع مقصود ومتحقق.
وأجاب بان ارادة الجامع بارادة فرده تكون ضمنية لا محالة فان المراد استقلالاً انما هو الخمر ، وإرادة المائع بارادة الخمر انما هي ارادة ضمنية بلا اشكال ، وبقانون الارادة الضمنية تكون ارادة المائع ارادة له في ضمن حصة الخمر لا ارادة لمطلق المائع حتى الحصة الموجودة في ضمن الخل.
فحينئذ يرجع الكلام الذي قلناه من ان ما اريد وهو الجامع في ضمن حصة
__________________
(١) كفاية الأصول ، المقصد ٦ ، ص ٢٦٢.