خلاف الوجدان قطعا ، فانا نقطع ببقاء الانقاذ على محبوبيته عند المولى حتى في ظرف كونه تجريا عليه ، فيتبين حينئذ أنه لا قبح فيه.
والجواب : ان هذا الكلام ناشئ عن الخلط بين باب الحسن والقبح وباب المصلحة والمفسدة والمحبوبية والمبغوضية وتخيل ان باب الحسن والقبح يرجع الى باب المصلحة والمفسدة كما تقدمت الاشارة اليه ، وسيأتي تفصيل الكلام فيه في تنبيه مستقل في هذا البحث.
والكلام فيه اجمالا هو ان هذا الكلام لو تم فإنما يتم بناء على ان الحسن والقبح من مجعولات العقلاء الممضاة من الشارع بما انه فرد من العقلاء ، فيكونان دائرين مدار الملاكات من المحبوبية والمبغوضية والمصلحة والمفسدة كالاحكام الشرعية.
وأما بناء على أنها من الأمور الواقعية التي يدركها العقل العملي كما يدرك العقل النظري استحالة اجتماع الضدين فلا يدوران مدار الملاكات ، ولا يكون هناك تناف بين ان يكون الفعل مذموما من ناحية التجري ويكون محبوبا من ناحية وجود المصلحة فيه ، اذ التنافي انما هو بين المحبوبية والمبغوضية لا بين كون الفعل مذموما من جهة ومحبوبا من جهة اخرى ، كما انه لا يكون هناك تناف بين أن يكون ممدوحا من ناحية الانقياد ومبغوضا من ناحية وجود المفسدة فيه.
تنبيه :
اعلم أن توهم كون القبح في مورد التجري فاعليا أو فعليا مبني على توهم رجوع الحسن والقبح الى المصلحة والمفسدة قد تترتب على الفعل في حد نفسه وقد تترتب على الفعل باضافته الى الفاعل ، وذلك ككنس المعبر مثلا ، فانه في حد نفسه لا يترتب عليه مفسدة لكن اذا صدر من الامير فيترتب عليه المفسدة ، كما لا يخفى ، فالقبح ايضا كذلك قد يتصف الفعل به في حد نفسه ، وقد يتصف به باعتبار اضافته الى الفاعل.
ولكن هذا التوهم غير صحيح.