الخطابات الشرعية بالنسبة الى العبد ، فان الناس عبيد وتجار غالبا فلا يعبدون الله لانهم وجدوه أهلا للعبادة كأمير المؤمنين (ع) ، بل يعبدونه خوفا من ناره ، أو طمعا في جنته ، فلا تكون الخطابات الشرعية محركة لهم ما لم يكن وعيد بالعقاب ، أو وعد بالثواب.
فيشكل حينئذٍ استحقاق المتجرّي للعقاب ؛ وذلك لأن جعل استحقاق العقاب من قبل الشارع المقدس ليس بملاك التشفي كما في الموالي العرفيين ليجعل في مورد التجري ايضا ، بل يجعل لتتميم محركية الخطابات الصادرة من الشارع ، وفي مورد التجري يحرك العبد من جهة تخيل كونه عاصيا ، فجعل العقاب على خصوص العاصي يكفي في تحريك المتجري ايضا لأنه يرى نفسه عاصيا في ارتكابه ، فيُحرّك من نفس العقاب المجعول على العاصي ، فيكون جعله في مورد التجري لغوا ، بل يكفي فيه جعله على خصوص العاصي.
فبناء على هذا المبنى يشكل استحقاق المتجري للعقاب ، واما بناء على المبنى المعروف فاستحقاقه للعقاب واضح كما ذكرنا ولا يحتاج الى الاستدلالات العديدة التي ذكرها المحققون في المقام مضافا الى عدم تماميتها في نفسها ، وهي استدلالات عديدة :
أولها : ما نسبه المحقق النائيني (ره) الى السيد الميرزا الشيرازي الكبير (ره) ، على ما في اجود التقريرات ، وهو : ان العلم الذي يؤخذ في موضع حكم العقل باستحقاق العقاب على مخالفته لا بد ان يكون أعم من القطع المصادف للواقع وغير المصادف له ؛ وذلك لانه لو كانت مخالفة خصوص القطع المصادف موجبة لاستحقاق العقاب لوجب احراز المصادفة للواقع في حكم العقل بوجوب الاطاعة وحرمة المعصية واستحقاق العقاب على المخالفة ، واحراز المصادفة خارج عن اختيار المكلف ، فيلزم ان لا يكون هناك حكم يجب امتثاله ؛ لاحتمال ان يكون القطع مخالفا للواقع ، فجزء الموضوع وهو المصادفة غير محرز ، فلا بد أن يكون الموضوع لوجوب الطاعة وحرمة المعصية أعم من القطع المصادف للواقع وغيره ، فيكون القطع الغير المصادف في مورد التجري موجبا لحرمة المعصية واستحقاق