العقاب على مخالفته (١).
ولكن هذا الوجه لا يتم ، وذلك لانه يكفي لاحراز المصادفة قطع المكلف بالواقع ، فنفس القطع المأخوذ في موضوع حكم العقل بحرمة المخالفة واستحقاق العقاب عليها يكون محرزاً للمصادفة ، فالمصادفة أي احرازها اختياري للمكلف ، فلا مانع من اخذ خصوص القطع المصادف للواقع موضوعا لحكم العقل. وهذا الوجه جعل في اجود التقريرات مقدمة ثالثة لمقدمات اربع للبرهان على استحقاق المتجرّي للعقاب ، مع ان المقدمة الاولى والثانية لا ربط لها بذلك ، وهذه المقدمة ايضا يمكن جعلها وجها مستقلا كما ذكرنا.
ومما ذكرنا يظهر أن ما اجاب به المحقق النائيني (ره) عن هذا الوجه وهو أنه في مورد التجري ليس لدينا علم بالواقع اصلا كي يقال بان العلم والقطع الموضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية واستحقاق العقاب على المخالفة هو الأعم من العلم المصادف للواقع وعدم المصادف بل ما هو موجود في مورد التجري انما هو الجهل المركب لا العلم.
ومما ذكرنا يظهر أن هذا الجواب ليس بتام ، كما ان اصل الاستدلال لا يكون تاماً ، وذلك لان نظر الميرزا الشيرازي الكبير (ره) في الاستدلال كان إلى اقامة البرهان على عدم امكان اخذ خصوص العلم المصادف للواقع موضوعا لحكم العقل ، وانه لا بد من تعميم العلم ، فلو كان دليله تاما لوجب تعميم موضوع حكم العقل الى العلم والجهل المركب ايضا لعدم امكان اخذ خصوص العلم وهو المصادف للواقع على الفرض من تمامية الدليل ، فاثبات انه في مورد التجري لا يكون العلم موجودا بل الموجود انما هو الجهل المركب لا يكفي في الجواب عن الدليل.
ثانيها : هو المقدمة الرابعة من برهان الميرزا الشيرازي الكبير (ره) ،
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٢٩.