دفع تنجز ما يكون منجزاً بمنجز ، فمخالفة الواقع المنجز بأي منجز كان يكون تجرياً ، كما انه إذا كان هناك مؤمن شرعي أو عقلي لا يكون مانع من الارتكاب بلا اشكال إلا في صورة واحدة وهو ما إذا كان هناك مؤمّن عن شرب المائع بأن شهدت البينة بعدم خمريته مثلا فشربه برجاء كونه خمراً.
فيقع الكلام في أن هذا حرام أم لا؟ ذكر المحقق النائيني (ره) على ما في تقريرات بحثه ان هذا يكون تجرياً ، وكذا غيره من المحققين.
ولكن الصحيح ان يقال : انه تارة يشربه برجاء ان يكون خمراً مع الاستناد الى المؤمّن بحيث لو لم يكن هناك مؤمّن لا يشربه من جهة كونه تجريا وهتكاً للمولى وموجبا للعقاب ، ولو قطع بعدم كونه خمراً ايضا لا يشربه لأنه شرب السكنجبين كثيرا وانما يريد ان يعرف طعم الخمر ويحصل له معلومات بالنسبة اليه مع عدم الابتلاء بتبعاته وعقوباته فحينئذ لا شبهة في انه لا يكون تجريا اذ الفعل الخارجي لا يكون تجريا لوجود المؤمّن والارادة ايضا ليس تجريا لعدم استقلاله في ارادته عن المولى ، بل تحفظ على المولى في ارادته ، وراعى حقه.
واخرى يشرب ما يكون المؤمّن عن خمريته موجودا برجاء انه خمر مع عدم الاستناد الى المؤمّن بل هو يريد شرب الخمر ولو لم يكن هناك مؤمن ايضا لشربه ، ولا يحتفظ بحقوق المولى ولا يراعي حقه ، ففي هذه الصورة بالنسبة الى الفعل الخارجي لا يكون هناك تجرٍّ لوجود الرخصة من المولى في ارتكابه والاذن فيه ، واما بالنسبة الى الارادة والأمر النفسي فقد يقال بانه تجرٍ من جهة استقلاله في ارادته عن المولى وعدم الاهتمام به ، ولكن هذا لو تم فلا اختصاص له بصورة شربه برجاء كونه خمرا بل يأتي فيما اذا شربه مع عدم الاستناد الى المؤمن مطلقا سواء شربه برجاء كونه خمراً أم لا.
التنبيه الثاني : انا ذكرنا سابقا انهم تخيلوا أن الحسن والقبح في باب التجري مرجعهما الى الملاكات الواقعية للأحكام من المفسدة والمصلحة ، وحيث اشتبه عليهم ذلك وقع الكلام في ان الفعل في مورد التجري حسن وذو مصلحة بعنوانه